ذاكرة نانوية جديدة تفوق التوقعات

طور فريق بحثي من جامعة خليفة خلية ذاكرة نانوية تهدف إلى تعزيز السعة التخزينية في أجهزة الكمبيوتر.

وتم تصميم خلية الذاكرة النانوية الجديدة كنوع من أنواع الذاكرة غير المتطايرة والتي تستطيع إتمام عمليات القراءة والكتابة من خلال تصميمها البسيط والذي يعتمد على جسيم نانوي ذهبي واحد.

طور فريق بحثي من جامعة خليفة شكلاً جديداً لخلية ذاكرة دقيقة جداً تتميز بتوفير ذاكرة ذات سعة تخزين كبيرة وسرعة عالية في معالجة البيانات في رقاقات أجهزة الكمبيوتر، وذلك بهدف تلبية المتطلبات المتزايدة على الأجهزة الإلكترونية التي تتمتع بالسرعة والدقة والفعالية في الأداء.

وتمتاز الذاكرة النانوية الجديدة بكونها دقيقة جداً، حيث يساوي سمكها جسيم نانوي ذهبي واحد فقط أو ما يعادل نسبة واحد على ألف من حجم شعر الإنسان وتحتوي على طبقتين رقيقتين من أكسيد الألومنيوم، كما تحظى بهيكل بسيط وفريد من نوعه يسمح بكتابة البيانات عليه وقرائتها عن طريق عمليات الشحن والتفريغ التي يقوم بها جسيم نانوي واحد، وتسهل بساطة تصميم الذاكرة النانوية عملية تصنيعها وبالتالي تتيح إمكانية الاستفادة منها تجارياً على نطاق واسع.

وفي هذا الصدد، قام كل من الدكتور محمد رزق، الأستاذ المشارك في الفيزياء والدكتور عرفان سعادة، أستاذ الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر والدكتور عمار نايفة، الأستاذ المشارك في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر وباحثي الدكتوراه الدكتور أيمن رزق والدكتور يوار عباس بتوضيح ماهية خلية الذاكرة الجديدة في ورقة بحثية نُشِرت في المجلة العلمية "أبلايد فيزكس لترز" في يونيو 2020.

 

ذاكرة الكمبيوتر وأجهزة الترانزستر
 

تقوم أجهزة الكمبيوتر بتحويل المعلومات على شيفرة ثنائية تُكتب في سلسلة رقمية مكونة من رقمين وهما 0 و1 ويطلق عليهما أرقام ثنائية أو "بت". وتتكون الملفات والبرامج في أجهزة الكمبيوتر من الملايين من هذه الأرقام الثنائية "بت" والتي يتم تخزينها في الذاكرة ومن ثم تنفيذها في وحدة المعالجة المركزية.

يوجد في نظام الكمبيوتر نوعان من أنظمة الذاكرة وهما، الذاكرة غير المتطايرة، وهي الذاكرة التي تقوم باسترجاع المعلومات حتى لو لم يتوفر مصدر طاقة، والذاكرة المتطايرة، وهي الذاكرة التي تقوم بمعالجة المعلومات خلال فترة تشغيل جهاز الكمبيوتر فقط.

وتعتمد أنظمة الذاكرة غير المتطايرة في تركيبها، كالفلاش ميموري، على ترانزستور تأثير المجال الكهربائي والذي يعتمد على أشباه الموصلات المؤكسدة مع المعدن لحفظ كل "بت" في ذاكرة خلية معينة عبر الشحن الكهربائي. ويعتبر ترانزستور تأثير المجال الكهربائي والذي يعتمد على أشباه الموصلات المؤكسدة مع المعدن أو الـ (موسفيت) وحدات البناء الأساسية لأجهزة الكمبيوتر اليوم، حيث أن جميع الأجهزة الإلكترونية مصممة بطريقة تحتوي على الـ (موسفيت) والمتمثلة بمليارات الترانزستورز التي تقوم بتفعيل وتعزيز تأثير الإشارات الكهربائية.

وقد تم تصميم بوابة الموسفيت بأسلوب يتيح للشحنات الكهربائية بأن تتجمع وتُحفظ فيها مشكّلة بذلك الـ "بت".

وفي هذا الإطار، طور الدكتور محمد رزق وفريقه البحثي في جامعة خليفة نظام خلية ذاكرة جديد وبسيط ليحل مكان الموسفيت.

 

تصميم خلية الذاكرة النانوية في جامعة خليفة

يعتبر تصميم الدكتور محمد رزق بسيطاً نظراً لاستخدامه جسيم نانوي ذهبي واحد ليضعه مكان طبقة السيليكون المغطاة بطبقة رقيقة من أكسيد الألومينيوم، ثم قام بوضع طبقة أخرى من أكسيد الألومينيوم حول كامل الجسيم النانوي، ليشكل هذا الجسيم النانوي الذهبي خلية لحفظ الشحنات الكهربائية.

ويتميز تصميم الفريق البحثي بخلوه من المصادر التقليدية ووحدات التصريف الكهربائي الطرفية، واستعاضوا عنها في نموذجهم الأولي باستخدام قطب كهربائي (إلكترود) واحد فوق الجسيم النانوي الذهبي.

وفي السياق، لاحظ الباحثون بعد شحن الجسيم النانوي بالكهرباء بأن الإلكترونات تدفقت عبر قناة محددة للتجمع في الجسيم النانوي، كما لاحظوا بأن هذه العملية تُدعى في مجال أجهزة الكمبيوتر بعملية "الكتابة". واستكمالاً لعملية "القراءة"، وهي العملية التي تحدث عندما تقوم وحدة المعالجة المركزية في جهاز الكمبيوتر بتنفيذ وقراءة البيانات من خلية الذاكرة، قام الباحثون بالتأثير على الإلكترود بجهد كهربائي يتيح لوحدة المعالجة المركزية بقراءة تيار الإشارات الكهربائية، فإذا كان الجسيم النانوي مشحوناً، يكون مستوى تيار الإشارات أقل من المستوى في حال عدم شحنه.

ويُعزي الدكتور محمد رزق نجاح خلية الذاكرة النانوية إلى حجم الجسيم النانوي الذهبي المناسب وإلى السمك الصحيح لطبقات أكسيد الألومينيوم.

من جانبه، قال الدكتور محمد: "يعتبر اختيار حجم الجسيم النانوي وسمك أكسيد طبقة الألومينيوم أمران في غاية الأهمية لتحقيق التدفق الأمثل للتيار الكهربائي وزيادة فعالية الاحتفاظ بالشحنات الكهربائية".

تمتاز أكاسيد المعادن بفعاليتها كعازل للكهرباء، بما في ذلك أكسيد الألومنيوم. ففي الموسفيت، تلعب الطبقات العازلة دوراً رئيساً في ضمان تدفق الإلكترونات بين المصدر ووحدات الصرف الطرفية إلا أنها غير قادرة على الاحتفاظ بالشحنات. أما في خلية الذاكرة النانوية التي طورها فريق جامعة خليفة البحثي، فإن العزل الكهربائي يحتفظ بالشحنات في الجسم النانوي الذهبي ويمنعه من التسرب، ولا بد للعازل الكهربائي أن يكون رقيقاً بشكل كبير ليسمح للشحنات الكهربائية بالدخول من القناة المخصصة لتلك العملية، ولكن سميك بما يكفي لتمكينه من الاحتفاظ بالإلكترونات في حال عدم وجود جهد كهربائي مفعل. ويتمتع هذا التصميم كذلك بقدرته على كتابة وحذف البيانات من الذاكرة بشكل منتظم.

وأضاف الدكتور محمد: "قمنا باستخدام الجسيم النانوي كمكان لحفظ الإلكترونات ولتنظيم التيار الكهربائي. ويساهم حجم الجسيم النانوي المكون من النانومترات في تحسين مستوى سعة الذاكرة في الأجهزة، حيث يعزز قدرتها على التحمل واستهلاك أقل للجهد الكهربائي، إضافة للسرعة في عمليات كتابة البيانات وقراءتها".

يُذكر أن تكنولوجيا النانو ستقوم بدور محوري في مجال تعزيز أداء أجهزة الكمبيوتر في العديد من التطبيقات المختلفة في المستقبل ويؤكد هذا الإنجاز ذلك، حيث سيواصل الدكتور محمد العمل على هذه الخلية النانوية ليصل بها إلى مرحلة جديدة من التطوير.