قد تساهم المنهجية في تقدير قياسات العمق الساحلي والحصول على نتائج واعدة تعزز الاستدامة وإدارة السواحل
منهجية جديدة تجمع ما بين صور الأقمار الصناعية وتعلم الآلة للتنبؤ بقياس العمق الساحلي

قام فريق بحثي من جامعة خليفة بالجمع ما بين تصوير الأقمار الصناعية وتقنيات تعلم الآلة بهدف التنبؤ بعمق المياه في منطقة الخليج العربي حول أبوظبي بشكل دقيق وفعال.

وفي هذا الإطار، قام كل من الدكتورة مريم الشحي، أستاذة مساعدة والدكتور تشانغ سوك تشو، أستاذ مساعد وفهيم عبدالغفور وجميعهم من قسم هندسة البنية التحتية المدنية والبيئية في جامعة خليفة، إلى جانب محمد غديرا من جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بتطوير طريقة جديدة لتقدير العمق الساحلي بالاستعانة بصور الأقمار الصناعية. ونشر الفريق نتائج المشروع البحثي في المجلة العلمية "ريموت سنسينغ"، المجلة الدولية المتخصصة بالبحوث المتعلقة بالاستشعار عن بعد وغيرها من التخصصات الجغرافية. 

قالت الدكتور مريم: "تعتمد العديد من الدول في العالم على السواحل كخطوط إمداد للشحن ومصاف للنفط ومنصات ساحلية وجزر ساحلية، إضافة إلى أنها مصدر للغذاء. وتعد استدامة السواحل أمرًا في غاية الأهمية، لا سيما في مجال تطوير خطة لرصد المناطق الساحلية على المدى البعيد، ويمكن تحقيق ذلك من خلال ملاحظة التغيرات التي تطرأ على قياسات أعماق السواحل مع مرور الوقت".

يعتبر قياس عمق السواحل دراسة الطبقات في المسطحات المائية، وتعد دقة البيانات أمرًا في غاية الأهمية في مجال فهم الخصائص الفيزيائية لمياه السواحل والتي تشمل أنماط دوران المياه ونقل الرواسب ورسم الخرائط المتعلقة بمختلف البيئات في المنظومة. ويمكن أيضًا الاستفادة من قياس عمق السواحل في التنبؤ بآثار الكوارث الطبيعية والحد منها كموجات تسونامي وتآكل السواحل، وذلك من خلال توفير معلومات حول قاع البحر وشكله.

قد تكون الأساليب التقليدية المستخدمة في جمع البيانات حول أعماق السواحل، على الرغم من أهميتها، مرتفعة التكاليف وتستهلك وقتًا طويلًا، كما تتطلب قياسات مادية لعمق المياه باستخدام معدات متخصصة كتقنية السونار وأجهزة استشعار الصوت وأجهزة قياس الصدى. وبعد أن تمت عملية جمع البيانات ينبغي معالجتها بعناية فائقة ومن ثم تحليلها لضمان الدقة وتتطلب تلك العمليات وجود العديد من المصادر  وتستهلك وقتًا كبيرًا، خاصة في البيئات الساحلية المعقدة التي تتميز بتضاريس متغيرة تحت قاع البحر.

وقد كشف الباحثون عن بعض الحلول الممكنة التي يمكن الاستفادة منها كوسائل بديلة تقوم على صور الأقمار الصناعية وخوارزميات تعلم الآلة.

وأضافت الدكتورة مريم: "ساهمت القدرات المكانية والزمانية العالية للاستشعار عن بعد في جعله الأداة الأفضل لتقدير التغيرات التدريجية في أعماق السواحل، كما أجري عدد كبير من الدراسات البحثية التي تجمع ما بين بيانات الأقمار الصناعية وخوارزميات الإحصاء وتعلم الآلة بهدف الحصول على تقديرات وقياسات أكثر دقة لأعماق السواحل في مختلف المناطق".

وبحث الفريق في استخدام صور الأقمار الصناعية المدمجة مع خوارزميتين من خوارزميات تعلم الآلة، وذلك لقياس أعماق السواحل بشكل أكثر فعالية. ويُعرف تعزيز التدرج أنه نوع من الخوارزميات التي تضم العديد من النماذج الضعيفة لإنشاء نموذج واحد فعال، في حين يُعرف الانحدار الخطي أنه طريقة إحصائية تقليدية تهدف إلى إيجاد علاقة خطية بين متغيرين. إضافة لذلك، وجد الباحثون أن المنهجيتين أثبتتا فعالية كبيرة في قياس عمق السواحل لمنطقة معينة من خلال تعزيز  التدرج الذي يوفر بدوره نتائج أكثر دقة.

وقالت: "أجرينا دراستنا في أبوظبي حيث المياه هي الأكثر ملوحة على مستوى العالم ومعدل تبخر مرتفع، الأمر الذي ساهم في جعل خط الساحل عرضة لتغير المناخ والتآكل. إضافة لذلك، يعتبر تشكل السواحل في أبوظبي أمرًا معقدًا بسبب ضعف خط الساحل ووجود العديد من الجزر الشاطئية والقريبة من الشاطئ. لذلك، يمكن أن يساهم التقييم الدقيق لأعماق السواحل في صياغة استراتيجيات إدارية أفضل في المستقبل".

جدير بالذكر أنه من خلال تدريب نماذج تعزيز التدرج والانحدار الخطي على تصوير الأقمار الصناعية في المنطقة الساحلية في أبوظبي، تمكن الفريق من التنبؤ بعمق المياه في المنطقة بشكل دقيق، وأكدت نتائج دراستهم على أن هذه المنهجية قادرة على توفير طريقة فعالة وغير مكلفة اقتصاديًا للحصول على بيانات أعماق السواحل للعديد من تطبيقات إدارة السواحل، إضافة لإمكانية التغلب على تحديات أساليب جمع البيانات التقليدية.

لا يزال العمل على هذا البحث الذي تموله منحة جامعة خليفة للعلوم والابتكارات الناشئة متواصل. وتشمل خطط المستقبل المتعلقة بهذا النموذج تحسين دقته وزيادة فعالية.