صخور مصنوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد تساهم في استخراج المياه من باطن الأرض

طور باحثون في جامعة خليفة وبالاستعانة بالطباعة ثلاثية الأبعاد طريقة جديدة في صناعة نماذج ممثالة للصخور الخزانية ذات تركيبة مسامية والتي تحاكي الصخور الكربونية في طبيعتها المعدنية.

ونظراً لشفافية هذه الصخور المصنوعة بطريقة الطباعة ثلاثية الأبعاد، يمكن للباحثين مراقبة تدفق السوائل خلال المسام بشكل دقيق، مما يتيح إمكانية تطوير الاستراتيجيات الفعالة القادرة على استخراج الطاقة الهيدروكربونية والطاقة الأرضية الحرارية وعزل الكربون، إضافة للتنقيب عن الجليد واستخراج المياه من باطن الأرض خلال رحلات استكشاف الكواكب.

من جانبه، قال الدكتور تيجون زانغ، أستاذ مشارك في الهندسة الميكانيكية وباحث رئيس لمشروع نمذجة الخزانات الأرضية وتحديد خصائصها: "ساهمت التطورات الأخيرة التي جرت على تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد في تمكين العلماء من تصنيع نماذج ثلاثية الأبعاد ذات مسامات دقيقة وبالاستعانة بمواد بوليمرية، إلا أن تلك النماذج تفتقر إلى فعالية الأداء. وقمنا بالتغلب على تلك المشكلة من خلال الدمج بين الطلاء الداخلي والطباعة ثلاثية الأبعاد للحصول على نماذج صخرية يمكن لها أن تحل محل الصخور الطبيعية في فعاليتها".

وفي السياق، نشر فريق الدكتور تيجون البحثي، والذي ضم هونغزيا لي وإيكيفا رازا وكياويو جي وجن يو لو، مؤخراً ورقة بحثية في المجلة العلمية "سوفت ماتر" يوضحون من خلالها تقنيتي الطباعة ثلاثية الأبعاد الدقيقة وطلاء المعادن، وتم تسجيل هذا الابتكار لدى معاهدة التعاون الدولية لبراءات الاختراع وضمن براءات الاختراع في منطقة دول الخليج.

وتتوفر المواد المسامية في جميع أنواع التطبيقات والتي تتراوح ما بين مجالات البناء والمواد الإنشائية والتنقية من جهة، والمجالات البيولوجية واستخراج النفط والغاز من جهة أخرى. ويبحث المهندسون في الوقت الحالي كيفية تدفق السوائل عبر المواد المسامية، والذي يعرف باسم علم الموائع الدقيقة. وقد تبدو أحجام المسامات صغيرة جداً لا تتعدى الميكرومتر الواحد كالمسامات الموجودة في جوف الأرض أو في جسم الإنسان تتم دراستها من خلال تطوير أجهزة تحاكي طريقة تدفق السوائل عبر المواد المسامية، والتي تعتبر الطريقة الرئيسة التي لجأ لها العلماء لفهم الموائع الدقيقة.

وقد تساهم أجهزة الموائع الدقيقة المبتكرة حديثاً، كالنماذج المسامية المصنوعة بالطباعة ثلاثية الأبعاد والتي طورها فريق الدكتور تيجون البحثي، في فتح المجال أمام مجموعة كبيرة من الفرص التي تركز على نمذجة الموائع الدقيقة والتنبؤ بسلوكيات تدفقها في التطبيقات المختلفة والمتعلقة بعلوم الأرض واستخراج الهيدروكربون.

توضح نماذج تدفق السوائل الدقيقة التقليدية، والمصنوعة عادةً من الزجاج أو السيليكون، كيفية انتقال السوائل عبر المسامات الصخرية وهو ما يناسب بعض التطبيقات، لكن في الصخر الكربوني تتدفق السوائل تحت الأرض والذي يتطلب نموذجاً يراعي التفاعلات الحاصلة بين الصخر والسائل.

وتعد تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد حلاًّ لهذه المشكلة لكن تكمن المشكلة فيها في عملية تصنيع شبكات مسامية دقيقة نظراً لمحدودية مواد الطباعة.

في هذا الصدد، قال الدكتور هونغزيا، كاتب هذا العمل: "في السابق، كنا نلجأ إلى إضافة مواد نانوية إلى مادة حبر بوليمرية بهدف تعزيز الخصائص الحرارية والكهربائية والميكانيكية للأجهزة المطبوعة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والذي ينتج عنه تشتت حاد للضوء يؤثر في دقة الطباعة يصعب معه تطوير نماذج لمواد مسامية طبيعية دقيقة كالموجودة في الصخور، إضافة إلى عدم شفافية تلك المواد والذي يحول دون مشاهدة تدفق السائل خلال الجهاز".

وفي إطار التغلب على تلك المشاكل، قام باحثو جامعة خليفة باستخدام بديل عن الحبر البوليمري وهو النمو المعدني في الجهاز المصنوع بالطباعة ثلاثية الأبعاد.

وأضاف الدكتور هونغزيا: "قمنا بطلاء طبقة من جسيمات الكالسيت النانوية على السطح الداخلي، والذي سهل نمو بلورات الكالسيت جميعها معززاً أداء الجهاز ليعمل بدقة وفعالية مماثلة للصخور الكربونية، حيث تمكنا من صنع صخرة تحاكي تماماً الصخرة الطبيعية إلا أنها شفافة".

ويمكن استخدام الجهاز كنظام الـ (صخرة على الرقاقة) لتحليل كيفية انتقال السوائل المختلفة خلال المسامات وفحصها بسهولة، وكذلك مراقبة وتحليل انتقال السوائل في التطبيقات البيولوجية والروبوتات الناعمة والفضاء وتطبيقات أخرى حديثة. وقام الفريق البحثي أيضاً بتفسير ماهية نظام الـ (صخرة على الرقاقة) في منشور علمي آخر.

يذكر أن نموذج الصخرة الشفافة، والذي صُنع في جامعة خليفة بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، يسهل على الباحثين الوصول لتكنولوجيا السوائل الدقيقة بشكل كبير وفي مختلف المجالات، ويساهم في تسريع عمليات الابتكار، كما يمكن الاستفادة منه في تحقيق الرؤى الرئيسة الرامية إلى استخراج المزيد من الهيدروكربون من حقول النفط في دولة الإمارات بطريقة أكثر استدامة وفعالية.