يمكن توفير الوقود المستدام بسهولة لكن يستدعي ذلك تحسين العمليات التي تساهم في إنتاجه على نطاق صناعي بتكلفة منخفضة
باحثون من جامعة خليفة يطورون نموذجًا جديدًا يساهم في تحويل الهيدروجين وثاني أكسيد الكربون إلى وقود مستدام

يعتبر تحويل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى منتجات ذات قيمة أساسية، كوقود الميثانول، أمرًا في غاية الأهمية في مجال تطوير  اقتصاد دائري والحد من تأثير نشاط الإنسان على الغلاف الجوي، ولكن قد ينتج عن عمليات تطوير هذه المنتجات تفاعلات جانبية تؤثر على فعالية المنتج النهائي وجودته بشكل ملحوظ. وهنا، تكمن أهمية أدوات النمذجة التي تهدف إلى فهم مسارات التفاعل وبالتالي القدرة على تصميم المحفزات المحسنة.

وفي هذا الصدد، قام فريق بحثي من جامعة خليفة بتطوير منهجية نمذجة عملية جديدة تهدف إلى اختبار  عملية تحويل ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين إلى ميثانول باستخدام محفز نحاسي. ويوفر هذا النموذج أداة فعالة للكشف عن دور المواقع النشطة التي يمكن أن تتحكم في أداء محفز  هدرجة ثاني أكسيد الكربون.

ضم فريق جامعة خليفة البحثي الذي طور النموذج كلًا من الدكتور قيصر أحمد، زميل دكتوراه والدكتورة ماغي أبي جودة، أستاذة مشاركة والأستاذة الدكتورة كرياكي بوليكرونوبولو، مديرة مركز جامعة خليفة للتحفيز والفصل والدكتور  فلورنت رافوكس، حيث نشروا نتائج مشروعهم في المجلة المرموقة "فيويل"، وهي مجلة علمية دولية تغطي جميع البحوث المتعلقة بالوقود.

وقالت الدكتورة ماغي: "يلعب وقود الميثانول المتجدد دورًا هامًا كمادة خام في مجال إنتاج الوقود منخفضة الانبعاثات، حيث يعتبر إنتاج الميثانول الأخضر من ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين المتجدد بديلًا فعالًا في التحويل الحيوي، الأمر الذي يستوفي أهداف إزالة الكربون العالمية دون المساس بالأمن الغذائي".

توجد العديد من الطرق التي تساهم في إنتاج الوقود المستدام والتي تتطلب عمليات معالجة الشحوم والغاز الاصطناعي والكحول. وفي مجال إنتاج الميثانول، يعد استخدام الغاز الاصطناعي الطريقة الأكثر شيوعًا وذات انبعاثات كربونية منخفضة، إلا أن هدرجة ثاني أكسيد الكربون هي عملية أكثر استدامة لكن لاتزال آلية التحويل فيها تشكل موضع بحث ونقاش.

وفي هذا الإطار، اقترح الباحثون طريقتين لإنتاج الميثانول من ثاني أكسيد الكربون ومن الهيدروجين، وسيساهم الفهم الشامل لهاتين الطريقتين في إتاحة الفرصة أمام تطوير المزيد من المحفزات الفعالة ذات الكفاءة.

وأضافت الدكتورة ماغي: "توجد طرق أساسية، في مجال الحركية الكيميائية، تتحكم في آليات التفاعل على سطح المحفز يمكن التنبؤ بها من خلال خصائصها الفيزيوكيميائية، ويساهم فهم الحركية الكيميائية، على سطح محفز معين لتفاعل محدد، في تصميم محفز جديد ومحسن".

يستهلك تحديد طرق وأنشطة الحركية الكيميائية في المختبر الكثير من الوقت، كما تعتبر تجارب التقييم مكلفة اقتصاديًا وتتطلب جهدًا كبيرًا. لذلك، يمكن من خلال منهجيات النمذجة الحصول على النتائج بشكل أسرع وأكثر سهولة.

وقد ركز فريق جامعة خليفة البحثي على إيجاد مسار الطاقة الأدنى لإنتاج الميثانول الاصطناعي والحصول على تعبيره الحركي الكيميائي، حيث قام الفريق بدراسة لمحفز مصنوع من النحاس وأكسيد الزنك وأكسيد الكروم على اعتبار أن النحاس محفز أكثر فعالية بوجود أكسيدات المعادن، كما أن أكسيد الزنك وأكسيد الكروم يساهمان في زيادة نشاط التحفيز ويعززان الأداء خلال عملية الهدرجة.

وتمكن النموذج العملي للباحثين من التنبؤ بالحد الأدنى لمسار الطاقة وأكدت عمليات المحاكاة المرافقة للبيانات التجريبية على دقة النموذج، كما تطابقت نتائجهم البحثية مع التقارير الموثقة في هذا الصدد، الأمر الذي يؤكد فعالية طريقة النمذجة التي اقترحها الباحثون.

علق الفريق البحثي قائلًا: "تمكنا من تحقيق الفهم الشامل لأثر أسطح المحفزات والحركية الكيميائية على المحفز من خلال تطوير نموذج الحركية الكيميائية القائم على نشاط الطاقة وتفاعل الجزيئات على سطح المحفز. ويمكن الاستفادة من نموذجنا العملي في مجال دراسة الحركية الكيميائية لتفاعلات المحفزات الرامية إلى إنتاج الوقود المستدام بوقت أقل وبتكلفة اقتصادية معقولة".