يمكن الاستفادة من هذه الطريقة البسيطة في تطوير المحفزات وزيادة فعاليتها بنسبة 50% مقارنة بالمحفزات المتوفرة اليوم
باحثون من جامعة خليفة وآخرون دوليون يطورون محفزات جديدة قادرة على تحويل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى وقود للصواريخ

طور فريق بحثي من مركز التحفيز والفصل في جامعة خليفة، ضم كلًا من الدكتور  عاصف داباوالا والأستاذة الدكتورة كرياكي بوليكرونبولو وأسيل حسين، محفزًا جديدًا لتحويل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون إلى وقود يمكن الاستفادة منه في رحلات الفضاء واستكشاف المريخ.

تعاون فريق جامعة خليفة مع باحثين من جامعة كوليدج لندن وجامعة قبرص للتكنولوجيا وجامعة سري وجامعة مقدونيا الغربية في اليونان وجامعة سرقسطة في إسبانيا. وقد نشر الفريق نتائج المشروع البحثي في المجلة الدولية "أبلايد كتاليسيس بي: إنفايرومنتال" المتخصصة بالمحفزات وتكنولوجياتها وآلية الاستفادة منها في الحد من التلوث البيئي وإنتاج الطاقة النظيفة.

وفي هذا الإطار، قالت الدكتورة كرياكي: "أدت الزيادة الكبيرة في انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، كنتيجة للثورة الصناعية، إلى ارتفاع نسبة تركيزها في الغلاف الجوي. لذلك، تهدف عمليات التقاط الكربون وتحويله بغرض الاستفادة منه في إنتاج الابتكارات الهامة وتحقيق الحياد الكربوني إلى الحد من أثره السلبي على مشكلة تغير المناخ. ويقوم الباحثون في مركز التحفيز والفصل في جامعة خليفة حاليًا بتطوير مجموعة متنوعة من التكنولوجيات التي تهدف إلى الحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون".

يعتبر تطوير الوقود عالي الكثافة أحد أهم الابتكارات الناتجة عن عمليات التقاط الكربون وتحويله، كغاز الميثان ووقود الطائرات. ويتم تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى هذا الوقود من خلال عملية الهدرجة، حيث يمكن تحويله إلى غاز الميثان الذي يُستفاد منه في مهمات استكشاف كوكب المريخ كوقود لمحركات الصواريخ.

وتتضمن عملية التفاعل لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى ميثان الاستعانة بأحد هذه المحفزات التي تشمل النيكل والروثينيوم والروديوم، لكن يُفضل استخدام المحفزات المكونة من مادة النيكل نظرًا لفعاليته العالية وتكلفته الاقتصادية المنخفضة. وتلعب طبيعة تركيب المحفز دورًا محوريًا أيضًا في المساهمة برفع مستوى أدائه خلال عملية التحويل لغاز الميثان، حيث تساهم في توفير مواقع تعزز امتصاص ثاني أكسيد الكربون وانتشار جسيمات النيكل النانوية.

وتُستخدم أيضًا مادة تُعرف بـ (أكسيد السيريوم) في عمليات تحويل ثاني أكسيد الكربون، وهي أكسيد معدن يُستعان به كمادة مؤكسدة ومحفزة خلال التفاعلات الكيميائية.

وأضافت الدكتورة كرياكي: "أكد عدد كبير من الدراسات على أن محفزات ثاني أكسيد السيريوم تزداد فعاليتها بشكل ملحوظ عند دمجها مع أكسيدات المعادن، خاصة مع أكسيد النيكل".

من جهة أخرى، تساهم سهولة تفكك الروابط الكيميائية بين الأكسجين والسيريوم في تعزيز امتصاص ثاني أكسيد الكربون، الأمر الذي يرفع من مستوى كفاءة  عملية التحول إلى الميثان. ومما يزيد من فعالية عملية التحويل إلى غاز الميثان أيضًا إضافة كمية قليلة من البراسيوديميوم إلى محفز النيكل وثاني أكسيد السيريوم، حيث تمثل جسيمات النيكل النانوية المنتشرة محفزًا عالي الفعالية، وهي التقنية التي ساهم في تطويرها الفريق البحثي.

وقالت الدكتورة كرياكي: "يجب أن نأخذ في عين الاعتبار التركيب الهندسي النانوي للمحفز المكون من ثاني أكسيد السيريوم، حيث يؤثر وجود الخلل في الأسطح في نشاط عملية التحفيز تمامًا كما تؤثر آلية انتشار مادة النيكل ومتوسط حجم جسيماتها النانوية".

ويتطلب المحفز ليكون فعالًا العديد من المواقع ذات الفعالية، أي وجود العديد من المسام في تركيبته والتي تقوم بجمع ثاني أكسيد الكربون وامتصاصه لتحدث عملية التحويل إلى غاز الميثان. وفي هذا السياق، استعان الفريق البحثي بتقنية تصنيع تسمى (سول جل) بهدف إنشاء الشكل الهندسي المسامي في محفزات ثاني أكسيد السيريوم المدمجة مع البراسيوديميوم. وتعد تقنية (سول جل) طريقة يمكن من خلالها إنتاج مواد صلبة من جزئيات الصغيرة وتستخدم في تصنيع أكسيدات المعادن التي تشمل ثاني أكسيد السيريوم.

لاحظ الفريق البحثي من خلال هذه الدراسة البحثية ارتفاع في مستويات عملية تحويل ثاني أكسيد الكربون بنسبة 50% عند درجة حرارة 300 سلسيوسية مقارنة مع المحفزات الأخرى، كما توصل الباحثون إلى التركيب النانوي للمحفز والانتشار الفعال للمعدن يلعبان دورًا هامًا في تصميم المحفزات المستخدمة في تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى غاز الميثان. يذكر أن هذه الطريقة التي اتبعها الباحثون من مركز التحفيز والفصل في جامعة خليفة هي طريقة بسيطة وسهلة لإنتاج أكاسيد المعادن المصممة بتراكيب هندسية مسامية نانوية تتيح تطوير محفزات عالية الفعالية.