التحكم باستقرار السوائل النانوية الشمسية

قد تصبح عملية تجميع الطاقة الشمسية في المحطات التي تعتمد على الطاقة الحرارية المستمدة من الشمس لتوليد الطاقة الكهربائية النظيفة، عاملاً مساهماً في تلبية الحاجات العالمية للطاقة، على الرغم من وجود بعض التحديات التي قد تعيق هذه العملية والتي تكمن في أن العديد من محطات الطاقة مازالت تعتمد على سوائل نقل الحرارة التي تم تطويرها في الثمانينات والمقتصرة على درجات حرارة منخفضة.

وتقوم السوائل الموصلة للحرارة بنقل الطاقة الحرارية التي تستمدها من الطاقة الشمسية، إلى المولد الكهربائي والذي يحولها بدوره إلى كهرباء، فكلما زادت درجة حرارة السائل زادت حركة جزيئاته وارتفع معدل الطاقة الحرارية. وقد اتجهت الأنظار مؤخراً إلى السوائل النانوية كسوائل متطورة ناقلة للحرارة، نظراً للدور الذي تقوم به الجزيئات النانوية في تعزيز عملية الامتصاص على سطح السائل وبالتالي تحقيق الفعالية في التوصيل الحراري. ويكمن التحدي الوحيد الذي تواجهه السوائل النانوية الشمسية في عدم استقرارها الناتج عن تكتل الجزيئات النانوية في السائل.

وفي هذا الصدد، يبحث العلماء في جامعة خليفة في الوقت الحالي كيفية التحكم باستقرار السوائل النانوية لما لها من دور فعال في تسريع الاستفادة من الطاقة الشمسية وحفظها في محطات الطاقة والتطبيقات الصناعية الأخرى في جميع أنحاء العالم.

وقام كل من الدكتور عمر شرف، زميل ما بعد الدكتوراه في جامعة خليفة والدكتور إياد أبو ندى، أستاذ الهندسة الميكانيكية والدكتور روبرت تايلر، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية والتصنيع في جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني، مؤخراً بنشر ورقة بحثية في المجلة العلمية "فيزيكس ريبورتس" تغطي موضوع السوائل النانوية الشمسية وتبحث في صفاتها الغروية والكيميائية في التطبيقات المختلفة.

ومن جانبه، قال الدكتور عمر: "تعتبر السوائل النانوية غرويات موزعة بالتساوي في الجزيئات النانوية، وتحظى تلك الغرويات بخصائص فيزيائية حرارية مميزة تجعل السوائل النانوية مواداً مناسبة للعديد من التطبيقات الهندسية، بما في ذلك توليد الطاقة الشمسية".

وقال الدكتور إياد: "يوجد العديد من الأوراق البحثية التي ركزت على موضوع استقرار السوائل النانوية الحرارية، لكن حتى الآن لا توجد هناك أي دراسات تبحث في استقرار السوائل النانوية الشمسية والتي تقوم بدورين رئيسيين وهما تجميع الطاقة الشمسية ونقل الحرارة. لذلك، نهدف إلى إجراء بحث مطور يركز على استقرار السوائل النانوية الشمسية ويناقش التقنيات والاستراتيجيات الحديثة التي تعالج بعض التحديات التي تواجهها،حيث قمنا بخطوة هامة تجاه تحقيق الفهم العميق لكيفية تطوير سوائل نانوية شمسية مرنة ومستقرة على المدى البعيد بهدف الاستفادة منها في تطبيقات التحويل الحراري الضوئي".

وتُستخدم السوائل النانوية بشكل كبير في التطبيقات التي تتطلب نقل حراري سريع وفعال كالتطبيقات الحرارية الشمسية، فهي قادرة على امتصاص الإشعاع الشمسي الذي يمر خلالها وبالتالي نقله، فكلما زادت كمية الطاقة الشمسية زادت فعالية عملية التحويل الحراري الضوئي. وتعتمد كفاءة النظام الحراري الشمسي على كفاءة كل من عمليتي التحويل الحراري الضوئي والنقل الحراري.

ويعد نظام تجميع الطاقة الشمسية فعالاً، حيث يقوم بتجميع الإشعاع الشمسي وتحويله إلى طاقة حرارية ومن ثم تحويلها إلى التطبيقات. وفي السوائل النانوية، يمكن للجزيئات النانوية القيام بالعديد من عمليات النقل الحراري عندما تقوم بامتصاص الإشعاع الشمسي، ويُعزى ذلك إلى صغر حجم الجزيئات النانوية ومساحة سطحها الكبير.

وعلق الدكتور عمر قائلاً: "لا يزال التحدي الرئيس الذي نواجهه في السوائل النانوية الشمسية يقف عائقاً أمام استخدامها على نطاق واسع والاستفادة منها تجارياً على الرغم من خصائصها الفيزيائية الحرارية الفعالة، ويرجع ذلك إلى توزيع الجزيئات النانوية واستقرارها الكيميائي والذي يتأثر بعملها في ظروف خارجية صعبة ولفترات مطولة في أجهزة التحويل الحراري الضوئي، حيث تشمل تلك الظروف درجات الحرارة المرتفعة والإشعاع الشمسي المكثف والتدوير الحراري والشمسي، والتي تؤثر في استقرار الجزيئات النانوية، مما يؤدي إلى حدوث تغيير كبير في خصائصها".

وتتميز الجزيئات النانوية بمعدل نسبة السطح إلى الحجم والذي يساهم في حفاظها على الطاقة بشكل كبير، لكن في حال تحرك تلك الجزيئات تتأثر مساحة السطح وتقل، وبالتالي تتكل الجزيئات مع بعضها البعض لينخفض معدل فعاليتها. ويُعرّف الاستقرار الغروي على أنه قدرة السوائل النانوية على مقاومة التكتل الحاصل بين جزيئاته، في حين يُطلق مصطلح الاستقرار الكيميائي على قدرة تلك السوائل في مقاومة التحولات الكيميائية غير المرغوب فيها.

وأكد الدكتور إياد قائلاً: "تعتبر الجزيئات النانوية مستقرة عند احتفاظها بخصائصها الضوئية والحرارية بعد الاستخدام المتكرر لها في التطبيق، حيث تشكل دراسة العوامل التي تتعرض لها الجزيئات، والمؤثرة في استقرارها، عنصراً هاماً في تصميم جزيئات نانوية مستقرة".

وفي السياق، يمكن لدرجات الحرارة التي تتعرض لها الجزيئات النانوية الشمسية أن تكون مرتفعة خلال النهار ومنخفضة خلال الليل بسبب الدورة الشمسية، حيث من الممكن أن تصل درجات الحرارة إلى ما يزيد على 400 سيليسيوس في الأجهزة الحرارية الضوئية التي تعمل تحت إشعاع شمسي مركًز. ويلعب التفاوت في درجات الحرارة دوراً أساسياً في إحداث نقلة نوعيةفي حالة استقرار الجزيئات ليجعلها غير مستقرة، بحيث تتفكك وتنفصل في السائل.

وأضاف الدكتور إياد: "يبدو الفرق في درجات حرارة الجزيئات النانوية واضحاً خلال النهار والليل، خاصة عند عملها في ظروف ذات إشعاع شمسي مركز كالأقاليم الصحراوية والمشمسة التي تنتشر فيها أنظمة مركزات الطاقة. ومن جهة أخرى، قد تسبب الأشعة فوق البنفسجية الضرر لمكونات الجزيئات النانوية على الرغم من أنها تشكل نسبة قليلة جداً من الإشعاع الشمسي الواصل إلى الأرض. لذلك، فإن تعرض الجزيئات النانوية للأشعة فوق البنفسجية لفترات طويلة قد ينجم عنه أضرار كبيرة".

يذكر أنه ومع تزايد الطلب العالمي على الطاقة، يبقى الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة أمراً في غاية الأهمية، حيث تعد عملية حفظ الطاقة الشمسية وتجميعها ضرورية لزيادة إنتاج الطاقة، ويمكن أيضاً الاستفادة من الدور الهام الذي تقوم به الجزيئات النانوية في تطوير التكنولوجيات التي تركز على توليد الطاقة.