يمكن للاندماج النووي تزويد العالم بالطاقة النووية من خلال احتواء البلازما المستخدمة لتوليدها في جهاز إنتاج الطاقة
باحثون من جامعة خليفة وآخرون يكشفون عن حقيقة جديدة حول خصائص البلازما قد تساهم في تطوير تكنولوجيا الطاقة النووية

بحث الدكتور إيونيس كوراكيس، الأستاذ المشارك، خصائص ظاهرة تحدث عندما تتفاعل البلازما ذات درجة حرارة عالية مع سطح صلب بالتعاون مع الدكتور محمد محسن حاتمي من جامعة نصير الدين الطوسي للتكنولوجيا في إيران، حيث قام بدراسة آلية تأثر الحاجز الذي يفصل ما بين البلازما والجسم الصلب بمختلف تركيزات الأيونات الموجبة الموجودة في البلازما. وتعتبر هذه الدراسة الأولى من نوعها في مجال تحديد خصائص البلازما المكونة من ثلاثة أنواع من الأيونات الموجبة، ونُشرت نتائجها في المجلة العلمية الدولية "ساينتفك ريبورتس" التابعة  لشركة "نيتشر" والتي تغطي جميع الموضوعات المتخصصة بالعلوم الطبيعية.

تعتبر البلازما موضوعًا بحثيًا صعبًا تتوجه أنظار الباحثين إليه من مختلف التخصصات للكشف عنه، حيث يتكون جزءٌ كبير من الكون من البلازما التي تشكل أكثر من 99 بالمئة من الأجسام المرئية التي تشمل النجوم والسديم والشفق والبرق والهالات الضوئية. 

ويمكن تعريف البلازما بشكل عام بأنها "الحالة الرابعة للمادة" بعد الحالات الصلبة والسائلة والغازية، فعندما ترتفع درجة حرارة الغاز تصبح الجزيئات أكثر نشاطاً وتتحرك بحرية أكثر، وعند بلوغ درجة حرارة شديدة الارتفاع تتفكك الذرات نفسها وتنفصل الإلكترونات عن أنويتها لتتشكل جسيمات مشحونة هي الأيونات الموجبة والسالبة.

من جهته، قال الدكتور إيونيس: "تتألف البلازما من مجموعات كبيرة من الجسيمات أو الغازات المشحونة الموجودة بأشكال مختلفة في الطبيعة وقد يتم إنتاجها بشكل اصطناعي في المختبرات. ومن ناحية أخرى، يتم تصنيع البلازما في المختبرات في غرف كبيرة متخصصة في تجارب التفريغ الكهربائي، حيث تُفصل البلازما عن أسطح الجدران من خلال منطقة رقيقة موجبة تُسمى الغطاء ويحدث ذلك نتيجة اختلاف حركة تنقل الأيونات والإلكترونات".

وفي السياق، يتشكل غطاء البلازما عند تلامس البلازما مع الأسطح الصلبة، حيث يساهم هذا الغطاء في تحقيق التوازن ما بين بين تدفقات الإلكترونات السريعة والأيونات البطيئة للحفاظ على حياد البلازما. وتعد البلازما غازاً فائق الحرارة وتتساوى درجة حرارة الإلكترونات بشكل عام مع درجة حرارة الأيونات وقد تزيد عنها. ويمكن للإلكترونات الانفصال عن البلازما، في حال عدم وجود حاجز يحصرها، بشكل أسرع من الأيونات نظرًا لخفة وزنها. وعند استنفاد معظم الإلكترونات من الحاجز الفاصل بين البلازما والسطح الصلب، تتشكل منطقة غطاء البلازما التي تحتوي أيونات موجبة ونيوترونات وفي نفس الوقت يصبح السطح الصلب سالباً بالنسبة للبلازما.

ويمكن للشحنات الموجبة في الغطاء أن تدفع المزيد من الأيونات نحو التبدد خارج البلازما ليتساوى معدل فقدان الإلكترونات والأيونات.

وقال الدكتور إيونيس: "تعد عملية تكون غطاء البلازما واحدة من أقدم المشكلات في مجال فيزياء البلازما، ولا يزال هذا الموضوع غير واضح بالشكل المطلوب بالنسبة للباحثين  وتكمن أهميته في إمكانية تعديل الخصائص السطحية للمواد وتحفيز الموجات الكهربائية الساكنة ودوره في عملية الاندماج المغناطيسي في البلازما".

قد تمتلك الأيونات الناتجة في البلازما المؤلفة من العديد من الغازات سرعات مختلفة، وفي البلازما ثنائية الأيونات المشتقة من غازي الأرغون والزينون تتحرك أيونات الأرغون والزينون بنفس السرعة. أما عند إضافة نوع ثالث، يتحرك النوعان المذكوران بسرعتين مختلفتين ويرتبط ذلك التغيير بتركيز النوع الأيوني الثالث.

وبحث الدكتور إيونيس ومعاونه البحثي في تلك الظاهرة في البلازما التي تتكون من أيونات الأرغون والزينون والكريبتون، وتمكن الباحثان من احتساب سرعة الأنواع الأيونية بدقة عند حافة الغطاء من خلال الجمع  ما بين الدراسات الحسابية والنمذجة الحركية والنتائج التجريبية، الأمر الذي أتاح لهم ذلك دراسة تأثير الأيونات على بنية وخصائص غطاء البلازما.

وأضاف الدكتور إيونيس: "توصلنا إلى أن زيادة تركيز الكريبتون يتسبب بانخفاض كثافة الشحنة الفراغية مما يؤدي إلى انخفاض معدل سمك الغطاء وزيادة فعاليته".

ويمثل فهم كيفية التحكم بغطاء البلازما، عن طريق إضافة أنواع مختلفة من الأيونات إلى خليط البلازما، أمرًا مهمًا لنا لتحقيق الاندماج النووي على الأرض. وتتطلب الاستفادة من عملية الاندماج النووي احتواء بلازما بدرجات حرارة شديدة الارتفاع، تصل إلى 100 مليون درجة مئوية، داخل جدران الجهاز، حيث من غير الممكن احتواء تلك البلازما النشطة شديدة الحرارة في أي وعاء.  

يذكر أن نتائج الباحثين قد تمكنوا من توضيح حقيقة مفادها أن التركيزات المختلفة لأنواع الأيونات تؤثر على قوة الاصطدام، والتي تؤثر بدورها على عرض غطاء البلازما، كما ساهمت النتائج في تعزيز تصميم المزيد من المفاعلات النووية وتجارب الاندماج النووي الجديدة.