من خلال الاستعانة بأدوات المحاكاة القادرة على التنبؤ بوجود خلل في أجزاء الطائرات قبل حدوثه
باحثون من جامعة خليفة و"ستراتا" يبحثون الطرق التي يمكن أن تسبب خللًا في شكل أجزاء الطائرات أثناء عمليات تصنيعها

توصل فريق بحثي مكون من طالبة الدكتوراه مريم أحمد الظاهري والدكتور قمران خان، الأستاذ المشارك في هندسة الطيران والدكتور ريحان عمر، الأستاذ المشارك في هندسة الطيران والأستاذ ويسلي كانتويل، مدير مركز البحث والابتكار المتقدم وعميد مشارك في البحوث، إلى جانب فرانك فان ليمت من شركة ستراتا للتصنيع، إلى نتائج دقيقة في التنبؤ بالاختلالات الشكلية بنسبة خطأ أقل من 5% أثناء عمليات تصنيع أجزاء الطائرات المكونة من مواد مركبة. وقد قدمت مبادلة لصناعة الطيران الدعم المالي لهذا المشروع ، وتم نشر النتائج البحثية في المجلة العلمية الدولية "كومبوزيت ستركتشرز" المتخصصة في مجال المواد المركبة في تطبيقات الأنظمة الهندسية.

تتكون المواد المركبة من عناصر متنوعة لتحقيق خصائص هيكلية معينة، وتعتبر مواد (مصفوفة البوليمر) مثالًا على المواد المركبة المستخدمة في تطبيقات الطيران.

وتساهم مواد مصفوفة البوليمر في تعزيز أداء الطائرات وفي نفس الوقت تحد من ثقل الأوزان، حيث تتميز بقوتها ومتانتها وفعاليتها وكثافتها القليلة وهو ما يجعلها الخيار الأفضل كمادة هيكلية تدخل في صناعة أجزاء الطائرات.

من جهتها، قالت مريم: "شهدت السنوات الأخيرة زيادة ملحوظة في استخدام مواد مصفوفة البوليمر المركبة في قطاع صناعة الطيران نظرًا للمعدل الفارق ما بين وزنها ومدى فعاليتها ومقاومتها للصدأ وقدرتها الفائقة على التحمل. وقد استُخدمت مواد مصفوفة البوليمر المركبة في البداية في صناعة الهياكل الثانوية والآن يتم استخدامها في صناعة أكثر من نصف طائرات (إيرباص 350) وفي صناعة قبب الرادار في طائرات (بوينغ بي 787)".

وعلى الرغم من فعالية مواد مصفوفة البوليمر المركبة، إلا أنها لا تخلو من وجود بعض العيوب، ومن هذه العيوب الرئيسة هو احتمالية حدوث خلل أثناء عمليات التصنيع بسبب عملية التصنيع نفسها، حيث يمثل الخلل في شكل بعض الأجزاء خلال عمليات التصنيع المتعلق بصناعة الطيران أمرًا في غاية الأهمية في مرحلة التصميم لأن ذلك قد يؤدي إلى إيجاد العديد من الصعوبات في مرحلة تجميع الهياكل.

وأضافت مريم: "تتم معالجة هياكل المواد المركبة المستخدمة في صناعة أجزاء الطائرات في جهاز متخصص تحت درجات حرارة  وضغط مرتفعين، ويتطلب ذلك دورة كيميائية حرارية معقدة لمعالجة مصفوفة البوليمر حتى تصبح في حالة صلبة ونحصل على الخصائص الميكانيكية المطلوبة. وعلى الرغم من أن عملية المعالجة تعزز فعالية هيكل مصفوفة البوليمر، لكن هناك بعض المشكلات التي تبقى في الهيكل عند تبريده، الأمر الذي ينتج عنه اختلالات جزئية في الشكل الهندسي".

 تحدث اختلالات في شكل هياكل الطائرات بعد إخراجها من الآلات التي تصنعها نتيجة برودها، وهو ما ينتج عنه حدوث عيوب جزئية في الشكل الهندسي تشكل تحديًا بالنسبة للتقنيين المتخصصين بأجزاء الطائرات وتستدعي بذل جهد كبير لإعادتها لوضعها الطبيعي، وقد لا يتم ذلك وإنما يمكن أن يتلف الهيكل بشكل كامل.

قالت مريم: "يعتبر التنبؤ بالعيوب الشكلية التي تظهر في هياكل الطائرات في مراحل مبكرة من التصميم خلال عمليات التصنيع أمرًا ضروريًا للحد من التحديات التي يمكن مواجهتها خلال عمليات التجميع".

وأضافت: "يمكن الحد من الاختلالات الشكلية في هياكل الطائرات الناتجة خلال عمليات التصنيع عبر وضع معايير محددة تساهم في منع حدوث الاختلالات تتمثل في الهياكل المصنوعة من المواد المركبة، وهو ما ركز عليه بحثنا".

تعتبر المواد المركبة في الطائرات هياكل خفيفة الوزن وفعالة في نفس الوقت، إلا أنها عرضة للتلف ويعد إصلاحها أمرًا صعبًا، الأمر الذي دفع فريق جامعة خليفة للبحث في هذا المجال للكشف عن الحلول، حيث استعانوا بأداة للمحاكاة قادرة على التنبؤ بحدوث العيوب الشكلية في هياكل الطائرات خلال عمليات التصنيع بدرجة دقة عالية. وطور الباحثون نموذجًا ثلاثي الأبعاد للجزء المصنوع من المواد المركبة والمصمم بشكل طبقي ليحاكي عمليات المعالجة والتفاعلات بين أداة التصنيع والجزء المراد تصنيعه.

وفي هذا الصدد، توصل الفريق البحثي إلى أنه يمكن استخدام الألمنيوم في صنع هياكل الطائرات دون حدوث عيوب شكلية خلال عمليات التصنيع، كما توصلوا إلى أهمية الدور الذي يلعبه التصميم الهندسي الطبقي في الحد من الاختلالات الشكلية في عمليات المعالجة النهائية للهياكل، مقارنة بالتصاميم الأخرى.

يُذكر أنه للتحقق من صحة نتائج المحاكاة في هذا المشروع البحثي لا بد من إجراء المزيد من الدراسات والتجارب في هذا المجال، حيث يعتبر ذلك أداة هامة لفهم الآثار المترتبة على العديد من المعايير المتعلقة بالعيوب الشكلية الناجمة عن عمليات التصنيع وأداة تساهم في تحسين جودة التصاميم وعمليات الإنتاج لأجزاء الطائرات المصنوعة من المواد المركبة.