قد تحقق المكونات الكهربائية المستخرجة من الورق وأكسيد الغرافين تقدمًا كبيرًا في مجال الإلكترونيات المرنة الممكن ارتداؤها في العديد من التطبيقات
باحثون من جامعة خليفة يطورون مقاومة ذاكرية مرنة قابلة للتحلل الحيوي بالاعتماد على الورق وأكسيد الغرافين

طور باحثون من مختبر الأنظمة الدقيقة في جامعة خليفة مقاومة ذاكرية باستخدام السيليلوز وأكسيد الغرافين قادرة على إحداث ثورة في الإلكترونيات الممكن ارتداؤها، حيث يتميز الجهاز بالمرونة والتكلفة الاقتصادية المناسبة واحتوائه على مكونات حيوية إضافة لإمكانية استخدامه لمرة واحدة. وقد نشر  الباحثون مشروعهم البحثي في المجلة الدولية "إم آر إس بوليتن" المتخصصة في علوم المواد، كما ساهموا في نشر المزيد من دراسات اختبار المواد التي استعانوا بها لرصد الأشعة فوق البنفسجية وأشعة الشمس في المجلة العلمية "نانوسكيل ريسيرتش لترز" والتي تغطي جميع البحوث المتعلقة بتكنولوجيا النانو.

ضم الفريق البحثي الذي قام بالمشروع كلًا من الدكتور أنس العزام، الأستاذ المشارك في الهندسة الميكانيكية والدكتورة نهلة العمودي، الأستاذة المساعدة في الهندسة الكيميائية والأستاذ الدكتور بكر محمد، مدير مختبر الأنظمة الدقيقة في جامعة خليفة والدكتورة هبة أبو نهلة، العالمة البحثية وطالبين من برنامج ماجستير العلوم وهم، أحمد أبو سلطان وأحمد شيم.

تتكون المقاومة الذاكرية من أكسيد المعدن الموجود بين قطبين كهربائيين وتحظى بقدرة على تغيير مقاومتها تحت تأثير قوة كهربائية، كما يمكن للمقاومة تذكر آخر حالة تمت كتابتها حتى بعد إيقاف تشغيل التيار الكهربائي، الأمر الذي يجعل منها خيارًا هامًا للاستخدام كذاكرة صلبة في أجهزة الكمبيوتر.

وتتطلب تكنولوجيا المقاومة الذاكرية كمية أقل من الطاقة لتشغيلها مقارنة بتكنولوجيات التخزين الصلبة التقليدية، كما تدوم فعاليتها لمدة أطول مع سعة لحفظ البيانات تعادل الضعف كحد أدنى. إضافة لذلك، تعتمد أنظمة المقاومة الذاكرية الحديثة على هياكل هندسية تتيح لها عمليات الحوسبة داخل الذاكرة، مما يساهم في حل المشكلات الحوسبية التقليدية التي تحتاج إلى نقل البيانات من الذاكرة إلى وحدة المعالجة قبل القيام بعمليات الحوسبة.

وقد أتاحت المنهجية التي وظفها الفريق البحثي في اختيار المواد وطريقة التصنيع لهم الحصول على مقاومات ذاكرية خالية من المعادن وأكثر مرونة، حيث ساهمت المواد التي طورها الباحثون والمكونة من الكربون والأكسجين في توفير مرونة فيزيائية.

 وفي هذا الإطار، طور الفريق البحثي مقاومة ذاكرية مكونة من ثلاث طبقات ورقية بالاستعانة بتقنية تصنيع حديثة وذات تكلفة اقتصادية منخفضة. وتشمل الطبقات الثلاث الطبقة العليا والطبقة السفلى اللتين تشكلان أقطابًا كهربائية، والطبقة النشطة التي تتوسطهما، حيث تم صنع جميع تلك الطبقات من نفس المواد وهي السيليلوز وأكسيد الغرافين المخفف ولكن مع اختلاف نسب التركيز  في كل طبقة.

من جهته، قال الدكتور  أنس: "نظرًا للخصائص المائية التي تحظى بها مادة السيليوز، والتي تم صنع الذاكرة منها بشكل كامل حيث تعتبر المكون الأساسي في النباتات المستخدمة في إنتاج الورق، فإنه يمكن للسوائل أن تتدفق بحرية من خلال تركيبها المسامي. وبذلك، تساهم الخاصية الشعرية في الحد من الحاجة إلى هياكل ضخ ميكانيكية، مما يجعل أنظمة المقاومة الورقية خيارًا مبشرًا يمكن الاستفادة منه في العديد من التطبيقات المتنوعة".

تستخدم مادة الغرافين على نطاق واسع في مجموعة من التطبيقات لما تتميز به من خصائص فريدة من نوعها كالمرونة وانخفاض التكلفة الاقتصادية وقابلية الاستفادة منها في العديد من التطبيقات، حيث تسمح المرونة للمقاومة الذاكرية المصنوعة من الورق بالاندماج في الإلكترونات المتوفرة على الأسطح المرنة للتطبيقات كما في الأجهزة الذكية الممكن ارتداؤها.

ويعتبر تطبيق رصد الأشعة فوق البنفسجية وأشعة الشمس واحدًا من التطبيقات الأكثر شيوعًا في الوقت الحالي. وفي هذا السياق، قال الدكتور أنس: "تعد أشعة الشمس وبالتحديد الأشعة فوق البنفسجية مصدرًا رئيسًا لفيتامين "د" المهم لصحة الإنسان، ولكن في نفس الوقت يرتبط التعرض المفرط لأشعة الشمس بظهور العديد من الأمراض. لذلك، يجب المواصلة في رصد الأشعة فوق البنفسجية على مستوى الأفراد لضمان التعرض الآمن والفعال لأشعة الشمس".

من ناحية أخرى، تعتمد أجهزة الرصد المتوفرة اليوم على أجهزة الاستشعار اللونية الضوئية والكهروضوئية، حيث تقوم أجهزة الاستشعار الكهروضوئية على فجوة نطاقية كبيرة من أشباه الموصلات المدمجة بدارة كهربائية تساهم في امتصاص الأشعة فوق البنفسجية وتقييمها ضمن نطاق عرض معين. في حين تقوم المستشعرات اللونية الضوئية بتغيير لونها كرد فعل لانبعاث الأشعة فوق البنفسجية دون الحاجة لأية تدخلات كهربائية.

وفي ضوء ذلك، طور الفريق البحثي، إضافة للدكتورة ياسمين حلواني، زميلة دكتوراه، جهاز استشعار يعتمد على مادة  المقاومة الذاكرية التي طوروها .

وقالت الدكتورة نهلة: "تم تطوير جهاز الاستشعار بشكل كامل من الورق ويتميز بحساسيته العالية للضوء نظرًا لدمجه مع أكسيد الغرافين المتوفر في الورقة. ويمكن ارتداء جهاز الاستشعار كقطعة لاصقة على الجسم ليتم تقدير كمية الأشعة فوق البنفسجية من خلال ملاحظة تغير اللون في القطعة بعد التعرض لأشعة الشمس. من ناحية أخرى، يمكن الاستفادة من جهاز  رصد الأشعة فوق البنفسجية مع تطبيقات الذكاء الاصطناعي في أجهزة الهواتف المحمولة في مجال تقييم أشعة الشمس التي يتعرض لها الفرد عبر تحليل تغير الألوان".