باحثون من جامعة خليفة وآخرون دوليون يبحثون في العناصر العشوائية في عمليات النمذجة التنبؤية

تعتبر عملية التنبؤ بالطقس مسألة صعبة تشكل تحديًا كبيرًا، لا سيما أنها ستصبح أمرًا في غاية الأهمية خلال السنوات المقبلة التي ستشهد تقلبات جوية متكررة بسبب مشكلة تغير المناخ.

ركز الدكتور إيميليو بوركو، أستاذ الرياضيات في جامعة خليفة، في هذا البحث على دراسة التقلبات المناخية عند التنبؤ بالمناخ وعدم اقتصار التنبؤ على الأنماط المناخية.  

يمكن تعريف النمذجة التنبؤية بأنها تقنية إحصائية مستخدمة بشكل شائع وتهدف إلى التنبؤ بالسلوك، كما أنها تحلل البيانات القديمة والحالية وتساهم في إنتاج نموذج قادر على التنبؤ بالنتائج. وفي نفس الوقت، تواجه جميع النماذج من ظهور بعض العشوائية خلال عمليات التحليل وهو موضوع لم يتم التطرق له من قبل ويؤدي إلى نتائج تنبؤية غير دقيقة.

وفي هذا الإطار، طور الدكتور إيميليو والدكتور فيليب وايت من جامعة بريغهام يونغ نموذجًا يهدف إلى تحسين فهم العشوائية التي تحدث خلال عمليات التنبؤ، ويمكن تطبيق هذا النموذج على عدد كبير من مجموعات البيانات التي تحظى بتقلبات موسمية أو تقلبات تحصل في فترات زمنية منتظمة شهريًا أو أسبوعيًا أو بشكل يومي. وقد نشرت نتائج هذا البحث في المجلة العلمية الدولية "إنفايرومتركس".

توجد العديد من الأسباب التي تستدعي دراسة التقلبات المناخية الموسمية خاصة في تتبع والتنبؤ بالمناخ الذي يتطلب الاعتماد على أنماط موسمية قديمة للتقلبات المناخية خلال العام.

تتمتع نماذج التنبؤ المتخصصة بتحليل العوامل المتغيرة بمرور الوقت باحتوائها على بعض عناصر العشوائية. ووفقًا لهذه النماذج، تعتبر العوامل الزمنية مستقلة بحد ذاتها يمكن التنبؤ بها ولا وجود للعشوائية فيها، إلا أن هذا الافتراض خاطئ ووُجد لتبسيط عمليات النمذجة.

اقترح الباحثون نموذجًا جديدًا يحتوي على جزء لتحليل العنصر العشوائي في العوامل الزمنية، الأمر الذي يساهم في تحسين فعالية النموذج في التنبؤ.

ويتضمن النموذج الجديد أنماطًا زمنية دائرية تتكون من دوائر متقاطعة. فعند التنبؤ بالسحب فوق مدينة ما على سبيل المثال، تشكل هذه العوامل الزمنية ترددات على مدار شهر وعلى مدار يوم فيتكون بذلك شكل هندسي مستدير  يعزز دور مستخدمي النموذج في وضع التنبؤات.

ومن الناحية الرياضية، يعتبر ذلك الشكل الهندسي المستدير  أبسط الأشكال ثلاثية الأبعاد ويحتوي على ثقب بداخله ويشبه قطعة حلوى الدونات.

وفي السياق، اعتمد الباحثون على ثلاثة أوضاع بيئية في تقييمهم للنموذج، حيث ركزت الحالة الأولى على الأوزون الموجود في طبقات الجو القريبة من سطح الأرض في مدينة المكسيك.

قال الدكتور إيميليو: "يجري رصد المناطق الحضرية كمدينة المكسيك عن كثب بهدف حماية السكان من المخاطر الصحية قصيرة وطويلة الأمد التي يسببها الأوزون في طبقات الجو القريبة من سطح الأرض. لذلك، استعنا بدرجة الحرارة كمتغير إيضاحي للأوزون الذي يتطلب تشكله درجات حرارة مرتفعة وضوء الشمس، كما قمنا بإضافة بعض الرطوبة النسبية والعوامل الزمنية لمستويات الأوزون لكل ساعة يوميًا".

ويركز النموذج على حساب المتغيرات الموسمية اليومية والأسبوعية قصيرة الأمد في مستويات الأوزون للحصول على البيانات بشكل فعال.

وفي الحالة البيئية الثانية من تقييم النموذج، اتجهت أنظار الباحثين إلى التنبؤ بسرعة الرياح المرتبطة بشكل كبير بدرجة الحرارة والفترة الزمنية خلال اليوم والرطوبة النسبية وغيرها من الأنماط الجوية. إضافة لذلك، استخدم الباحثون النموذج المطور لتحديد متوسط سرعات الرياح في الساعة من محطة مراقبة واحدة في ولاية يوتا الأمريكية، حيث أثبت النموذج فعالية في الأداء فاقت النماذج الأخرى في تنبؤاتها.

أما التقييم الثالث فقد تمحور حول اختبار النموذج في تنبؤ السحب في جميع أنحاء العالم، وفي هذا المجال علق الدكتور إيميلو قائلًا: "ترتبط الغيوم بشكل ملحوظ مع التغيرات المناخية العالمية، وتعتبر نمذجتها أمرًا في غاية الأهمية في تقييم العديد من الآثار الناتجة، حيث ينتج عن تغطية السحب اتجاهات متميزة تعتمد على مكان تكونها سواء فوق اليابسة أو الماء وعلى الوقت المتمثل بالموسم الحالي. ولقد أثبت نموذجنا قدرته على حساب ذلك وتفوق على  العديد من النماذج".

وأضاف: "تمكنت منهجيتنا من تحقيق نجاحها في مجموعات بيانية مختلفة، لكن لا تزال توجد بعض التساؤلات التي تستدعي مزيدًا من البحث والدراسة. ومن جهة ثانية، يؤكد هذا المشروع البحثي على الاقتران الوثيق ما بين علوم البيانات والابتكار الرياضي الذي يتمثل في دمج الأشكال الهندسية مع الوقت، ما ساهم في توفير نماذج التحليل العشوائي التي ساهمت بدورها في تحسين دقة التنبؤات على درجة عالية. فلولا الرياضيات لكانت علوم البيانات مجرد هندسة وتنقيب عن البيانات".