قد تحدث هذه التكنولوجيا تغيرًا كبيرًا في القطاع لكن بعض التحديات تحول دون تنفيذها
باحثون من جامعة خليفة يكشفون عن أهمية تكنولوجيا البلوك تشين في قطاع صناعة النفط والغاز ويتطرقون للتحديات التي تواجهها

لم يكن بمقدور الأنظمة التقليدية والمنهجيات والتكنولوجيات التي تم تطويرها لإدارة عمليات سلاسل التوريد المتعلقة بالنفط والغاز توفير عناصر الشفافية في العمليات وإمكانية التتبع والتدقيق والأمن ومصادر البيانات الموثوقة، كما تعتبر هذه الأنظمة مركزية ويدوية وغير متكاملة، الأمر الذي قد يعرّضها للتلاعب والفساد والإخفاق.

وفي هذا الإطار، لاحظ باحثون من جامعة خليفة هذه المشكلة وتطرقوا لدراسة تكنولوجيا البلوك تشين وإمكانية الاستفادة منها في قطاع صناعة النفط والغاز على الرغم من وجود بعض التحديات في هذه التكنولوجيا التي قد بدأ القطاع الصناعي باتباع حلولها.

وضم الفريق البحثي كلًا من الدكتور رجا أحمد، باحث دكتوراه والدكتور خالد صلاح، أستاذ في قسم الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر في جامعة خليفة والدكتور رجا جايارامان، الأستاذ المشارك في قسم هندسة الأنظمة الصناعية والدكتور إبرار يعقوب، عالم بحثي والدكتور محمد عمر، رئيس قسم هندسة الأنظمة الصناعية، الذين بحثوا في آلية الاستفادة من تقنية البلوك تشين في قطاع صناعة النفط والغاز  كواحد من أهم القطاعات العالمية من خلال تحليل التطبيقات والتحديات والخطط المستقبلية لهذه التكنولوجيا. وقد نشر الباحثون نتائجهم في المجلة الدولية "تكنولوجي إن سوسايتي".

تلعب التكنولوجيات الناشئة التي تشمل إنترنت الأشياء والحوسبة الضبابية والبلوك تشين دورًا محوريًا في تعزيز فعالية العمليات في صناعة النفط والغاز، حيث يرى ممثلو هذا القطاع أنه يمكن للتكنولوجيات الرقمية أن تساهم في تعزيز الإنتاجية بنسبة تتراوح ما بين 10% إلى 15%. وتتطلب تجارة منتجات النفط والغاز  كالبنزين والديزل درجة عالية من المعيارية والجودة في العمليات من خلال توفير الأمن والخصوصية والمعالجة السريعة للبيانات، ومعظم الأنظمة المتوفرة في الوقت الحالي لرصد وإدارة هذه التجارة هي أنظمة مركزية غير معتمدة وتخلو من الشفافية.

وتعرف البلوك تشين بأنها سجل آمن من المعاملات الموزعة تقوم على خوارزميات التشفير . لذلك، يرى الباحثون أنه يمكن أن تساهم هذه التكنولوجيا في تعزيز فعالية العمليات في النفط والغاز وترفع مستوى الشفافية ودرجة الموثوقية.  

ووفقًا لدراسة بحثية أجرتها كل من شركة شيل وشركة بي بي وستات أويل، يساهم الاعتماد على تقنية البلوك تشين في مجال النفط والغاز في الحد من مقدار الوقت المستهلك في المعاملات بنسبة 30%.

وتوفر تكنولوجيا البلوك تشين العديد من المزايا التي تتضمن صعوبة تغيير سجل المعاملات أو التلاعب فيه، حيث يتكون كل سجل من كتلة تم تشكيلها والموافقة عليها من قبل مجموعة معينة من الأفراد الذين يتشاركون قاعدة البيانات قبل ربطها مع مدخلات سابقة في السلسلة. أي، يمكن القول أن البلوك تشين هي قاعدة بيانات مشتركة يمكن التحقق من صحة بياناتها من قبل مجموعة أوسع من الأفراد وهي ليست حكرًا على سلطة مركزية معينة لتكون سجل معاملات عام لا يمكن تغييره أو التلاعب فيه بسهولة لأنه لا يمكن للفرد أن يرجع إلى ما سبق في السلسلة لتغييره.

ومن ناحية ثانية، تعتمد حلول البلوك تشين على العقود الذكية القابلة للبرمجة والتي يمكن استخدامها تلقائيًا لتبادل المعلومات تحت شروط محددة مسبقًا.

من جانبه، قال الدكتور إبرار: "يمكن التغلب على التحديات التي تسببها منصات التجارة القديمة والخالية من الشفافية في قطاع النفط والغاز عن طريق الاستفادة من تكنولوجيا البلوك تشين التي تساهم بدورها في تحسين عمليات سلسلة التوريد التي تشمل خدمات التخطيط والمشتريات والتجارة والتسويق والخدمات اللوجستية".

وأضاف: "تسعى تكنولوجيا البلوك تشين تحديدًا إلى توفير الأمن في عملية تجارة النفط والغاز وتسهيلها وتتبع الشحن ومراقبة المخزون وتوثيق المستندات وإعداد الفواتير  والدفعات، كما تقوم بتسهيل عمليات سلاسل التوريد الكبيرة والصعبة من خلال توفير الشفافية للعمليات في العمليات التجارية ذات الصلة".

وتوصل الباحثون إلى أن تكنولوجيا البلوك تشين تقوم أيضًا على خوارزميات ذات كفاءة ومجمع عليها وأساليب تشفير البيانات التي لا يمكن الرجوع عنها لتوفير عنصر الأمن على البيانات والمعاملات المرتبطة بالقطاع الصناعي. ويتأثر الاتّباع الناجح لتكنولوجيا البلوك تشين في قطاع النفط والغاز  بالعديد من العوامل التي تتضمن المعايير غير المكتملة والمختلفة عالميًا، الأمر الذي يستدعي ضرورة إجراء معايرة على مستوى العالم لهذا القطاع الصناعي الذي يعد قطاعًا دوليًا. إضافة لذلك، يتطلب تطبيق تكنولوجيا البلوك تشين تكلفة اقتصادية مرتفعة وبناء أطر عمل قانونية وتنظيمية خاصة بها.

وعلى صعيد آخر، تتطلب العمليات الحوسبية في البلوك تشين كمية كبيرة من الطاقة ومصادر حوسبة لحل المشكلات الرياضية وبناء كل كتلة في البلوك تشين، لكن في نفس الوقت، ينتج عن الطاقة المستخدمة زيادة في نسبة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون. لذلك، يعتبر إيجاد عمليات تعدين أكثر كفاءة في استخدام الطاقة تحديًا بحثيًا في غاية الأهمية.

قال الدكتور إبرار: "تحظى تكنولوجيا البلوك تشين بإمكانات كبيرة قادرة على إدارة العمليات في قطاع صناعة النفط والغاز من خلال توفيرها للعديد من المزايا التي تشمل اللامركزية وتعزيز الأمن والموثوقية. وعلى الرغم من مجموعة التحديات التي تحول دون تطبيق هذه التكنولوجيا، إلا أنها تمثل موضوعات قابلة للبحث في المستقبل. وفي الوقت الحالي، تتوفر مجموعة من أنظمة العقود الذكية القائمة على تكنولوجيا البلوك تشين والتي تستخدم لتحسين مستوى الخدمات الهامة في قطاع النفط والغاز".