تعتبر حلًا جديدًا لكنه واعد في مجال علاج مشاكل شح المياه عالميًا
إنتاج المياه النظيفة من المياه المالحة بالاستعانة بمادة الهيدروجيل الآمنة على البيئة

توجد هناك العديد من الأساليب الشائعة المستخدمة في تحلية المياه كالتقطير بواسطة الأغشية والخاصية الأسموزية العكسية لتوفير مياه نظيفة لملايين السكان في جميع أنحاء العالم، ولكن تحول بعض التحديات كارتفاع التكلفة ومعدل استهلاك الطاقة دون الاستفادة من تحلية المياه بدون الاعتماد على الشبكات الكهربائية، حيث يعتبر إنتاج البخار باستخدام الطاقة الشمسية المباشرة إحدى تكنولوجيات التقطير التي لا تعتمد على الكهرباء  والتي تتجه الأنظار نحوها على الرغم من حداثتها.

وفي هذا الإطار، طورت كل من عفراء الكتبي، طالبة دكتوراه في الهندسة والدكتورة عاكفة رازا، باحثة في قسم الهندسة الميكانيكية، جهاز  هيدروجيل ميكروي مصنوع بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد للاستفادة منه في إنتاج البخار الشمسي المباشر، ويتميز بفعاليته وسهولة نقله ويحظى بقدرة كبيرة للاستخدام في مجال أنظمة إنتاج البخار الشمسي المباشر. وقد تعاونت عفراء والدكتورة عاكفة مع طالب الدكتوراه محمد سجاد والدكتور هونغزيا لي، زميل الدكتوراه، والدكتور فيصل المرزوقي، الأستاذ المساعد في الهندسة الكيميائية، والأستاذ تيجون زانغ، أستاذ الهندسة الميكانيكية، ونُشرت نتائجهم البحثية في المجلة الدولية "جيرنال إيكومات".

ويتضمن إنتاج البخار الشمسي المباشر جمع الحرارة من أشعة الشمس بهدف تحويل المياه إلى بخار  ليتكاثف بعد ذلك ويتم جمعه لتوفير المياه النظيفة. تبدو هذه العملية سهلة وهي بالفعل كذلك.

تعتمد أقدم تكنولوجيا في مجال تحلية المياه على جهاز الخلايا الشمسية وهو جهاز بسيط يستفيد من أشعة الشمس في تنقية المياه، حيث توضع داخله المياه المالحة وتوضع فوقه قطعة زجاجية أو بلاستيكية يتكاثف عليها بخار الماء بسبب أشعة الشمس، بينما تبقى الشوائب والأملاح في قاع الجهاز، وذلك هو المبدأ الأساسي الذي تقوم عليه تقنية إنتاج البخار الشمسي المباشر ، لكن عملية التبخر تقف عائقًا أمام الاستفادة من هذه التقنية على الصعيد التجاري.

من جانبه، قال الدكتور تيجون: "تساهم تكنولوجيا إنتاج البخار الشمسي المباشر بتوفير حل مستدام وآمن على البيئة لتحديات شح المياه عالميًا، حيث تعاني الأنظمة المتوفرة في الوقت الحالي والتي تعتمد على أشعة الشمس من ناتج مياه منخفض وتتطلب كميات كبيرة من الطاقة للبدء بعمليات التبخر، كما يمكننا تعزيز عملية التبخر من خلال إيجاد مواد جديدة تساهم في الحد من استهلاك الحرارة، وبالتالي إتاحة الفرصة أمام الاستفادة من هذه العملية على النطاق التجاري وهنا يكمن دور مادة الهيدروجيل".

تمثل مادة الهيدروجيل شبكة ثلاثية الأبعاد تتكون من بوليمرات مائية قادرة على الانتفاخ في المياه مع الحفاظ على هيكلها، وتتميز بأنها مرنة وديناميكية ويمكن استخدامها في مختلف الظروف. وفي هذا البحث، طور باحثون من جامعة خليفة بوليمرات تتسم باستجابتها لدرجات الحرارة المختلفة وقدرتها على الاحتفاظ بالماء وإطلاقه.

واستعان الباحثون بتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد لصناعة جهاز تحلية يعتمد على الطاقة الشمسية بقنوات ميكروية ذات هياكل بلورية يمكنه تزويد المياه بلا انقطاع خلال عملية التبخر، حيث يقوم الهيدروجيل بامتصاص المياه عبر الخاصية الشعرية.

وصمم الباحثون السطح من الجهاز بمواد قادرة على امتصاص الضوء بالاستعانة بطريقة حديثة ترتكز على مواد ضوئية حرارية تُستخدم في أنظمة إنتاج البخار الشمسي المباشر، نظرًا لقدرة تلك المواد على امتصاص كميات كبيرة من الطاقة الشمسية وتنظيم درجات الحرارة، وبالتالي إنتاج البخار.

وقالت الدكتورة عاكفة: "يساهم تطوير المواد الحديثة في إنتاج كميات كبيرة من بخار الماء بكميات قليلة من الطاقة، إضافة لفعالية تحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة حرارية التي تعزز التقدم في مجال التطبيقات المتعلقة بالمياه والطاقة الشمسية. وتشهد مادة الهيدروجيل إقبالًا كبيرًا في الوقت الحاضر نظرًا لتعدد وظائفها وخصائصها الحيوية وقدرتها الفريدة من نوعها على إنتاج كميات كبيرة من المياه".

وقالت عفراء: "تمكن جهازنا من إنتاج معدل متميز من بخار الماء نتيجة لخصائصه في امتصاص الضوء والاحتفاظ بالمياه وإطلاقها بواسطة الهيدروجيل، إضافة لحركة المياه السريعة خلال القنوات الميكروية المصنوعة بالطباعة ثلاثية الأبعاد".

وأضافت: "ساهم الدمج بين تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد وتكنولوجيا الهيدروجيل في توفير  أداء عال لعمليات التقطير الشمسية وإتاحة الفرصة أمام التصميم الرقمي والتطوير المتسارع لأجهزة تحلية المياه الحديثة".

ويتطلب تصنيع الهيدروجيل تقنية متخصصة للطباعة ثلاثية الأبعاد، حيث ساهم التقدم الذي شهده هذا المجال مؤخرًا في صناعة هيدروجيل قادر على تخطي جميع حدود طرق التصنيع التقليدية.

يُذكر أن الفريق البحثي يقوم حاليًا بتأسيس شركة ناشئة بدعم من مركز خليفة للابتكار لإنتاج صناعات قيمة من خلال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد. ويشهد المشروع في مركز خليفة للابتكار عمليات تسويق عن طريق برنامج حضانة يستمر لمدة ثلاثة أشهر  ويركز على رفد المؤسسين بالمهارات التجارية والتسويقية والمالية والقانونية.