يساهم الفريق البحثي الدولي الذي يضم جامعة خليفة بتمهيد الطريق أمام تصميم محفزات ضوئية جديدة وذات فعالية تتكون من هياكل عضوية ذات روابط جزيئية تهدف إلى الحد من ثاني أكسيد الكربون والاستفادة منه
تطوير محفزات ضوئية فريدة من نوعها قادرة على تحويل ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي إلى منتجات مفيدة وذات قيمة

يعتبر الحد من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون وإيجاد الطرق المناسبة للاستفادة منه أمرًا في غاية الأهمية، لاسيما مع استمرار  الأفراد في جميع  أنحاء العالم بإطلاق تلك الغازات إلى الغلاف الجوي، كم تعتبر تكنولوجيات التقاط الكربون وحفظه منهجيات ذات فعالية إلا أنها غير مجدية اقتصاديًا. لذلك، تتجه أنظار العالم اليوم إلى المنهجيات الفعالة والمجدية من الناحية الاقتصادية لتحويل ثاني أكسيد الكربون لمنتجات ذات فائدة.

وفي هذا الإطار، تعاون كل من الدكتور دينش شتي، الأستاذ المساعد في الكيمياء والدكتور عبد القيوم محمد، باحث دكتوراه، بالإضافة إلى فريق بحثي دولي لتطوير محفز ضوئي جديد لتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى مواد مفيدة بشكل فعال ومستدام. وضم الفريق البحثي أعضاءً من جامعة نيويورك أبوظبي والجامعة الأمريكية في بيروت ومعهد علوم المواد في مدريد وجامعة ستراسبورغ في فرنسا وجامعة نوفا غوريكا في سلوفينيا، حيث نشر الباحثون نتائجهم البحثية في المجلة الدولية "إيه سي إس أبلايد متيريالز آند إنترفيسز".

من جانبه، قال الدكتور دينش: "أدت انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون الاصطناعية في الغلاف الجوي إلى مشكلة الاحتباس الحراري، ويعد غاز ثاني أكسيد الكربون غازًا غير سام ومنخفض التكلفة الاقتصادية ومتوفر بكثرة ومصدرًا متجددًا للكربون. لذلك، يعتبر تحويله والاستفادة منه في تصنيع المنتجات ذات القيمة أمرًا فعالًا ومجديًا اقتصاديًا".

وتوجد العديد من العمليات التي تساهم في تحويل غاز ثاني أكسيد الكربون إلى مواد كيميائية مفيدة في القطاع الصناعي، ومن هذه العمليات التخلص من ثاني أكسيد الكربون بالاستعانة بمحفز ضوئي. فعلى سبيل المثال، تحول النباتات الخضراء ثاني أكسيد الكربون والماء إلى كربوهيدرات من خلال عملية التمثيل الضوئي بالاستعانة بأشعة الشمس التي تعد مصدرًا للطاقة غير قابل للنفاد وآمن على البيئة. ووفقًا لذلك، فإن الحد من ثاني أكسيد الكربون بالمحفزات الضوئية ليس له أية أثار سلبية ثانوية.

وأضاف الدكتور دينش: "يمكن التخلص من ثاني أكسد الكربون والاستفادة منه بأشكال مختلفة كإنتاج أول أكسيد الكربون وحمض الفورميك اللذان يعدان من أكثر المواد الناتجة عن عمليات التخلص من ثاني أكسيد الكربون، حيث يعتبر حمض الفورميك المادة المفضلة لدى الباحثين لأنها من أبسط أنواع المواد الناتجة بالأكسدة، كما يعتبر وسيطًا في تشكيل الميثانول وأنواع من الهيدروكربونات التي تُستخدم في البلاستيك والأصباغ والمذيبات العضوية وخلايا الوقود".

ويمكن القول بأن عملية الحد من ثاني أكسيد الكربون بالمحفزات الضوئية عملية ليست جديدة، حيث تمت دراسة العديد من أنظمة أشباه الموصلات والأنظمة الجزيئية، إلا أن محدودية فعاليتها وانخفاض مستوى الروابط في ثاني أكسيد الكربون وإعادة الاندماج السريع للشحنات يحدان من مستوى كفاءتها في الأداء. وفي هذا الصدد، طور الفريق البحثي هياكل عضوية ذات روابط جزيئية قادرة على معالجة العديد من التحديات.

وتعرف الهياكل العضوية الجزيئية بأنها نوع من المواد التي قد تشكل هياكل ثنائية الأبعاد أو ثلاثية الأبعاد من خلال التفاعلات التي تحدث بين أجزائها العضوية، الأمر الذي يساهم في تكوين روابط جزيئية قوية ينتج عنها مواد مسامية بلورية تتميز بمرونتها الفريدة من نوعها  وهياكلها الواضحة واستقرارها الكيميائي، إضافة لتوفر مجموعة كبيرة من المسام الذي يعزز الاستفادة من هذه المواد في التطبيقات التي تقوم على الامتصاص.

ويمثل التقاط ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي الخطوة الأولى في هذا المجال، حيث يستدعي ذلك الحاجة إلى وجود مواد ماصة لالتقاط ثاني أكسيد الكربون وجمعه في مسام المواد، لينتج عن تلك العملية أول أكسيد الكربون الذي لا يفضله الكثيرون مقارنة بالمنتج الثاني وهو حمض الفورميك الذي يستخدم المعادن النبيلة مرتفعة التكاليف وقد يتطلب أيضًا بعض الإنزيمات.

وقد قام الفريق البحثي بتصنيع هياكل عضوية جديدة ذات روابط جزيئية باستخدام وحدتي بناء مختلفتين هما، البورفيرينات والإزوينديغو لضمان إنتاج حمض الفورميك وليس أول أكسيد الكربون، خلال عملية التخلص من ثاني أكسيد الكربون. وتتميز وحدتا البناء في الهياكل العضوية بفعالية روابطها مع ثاني أكسيد الكربون دون الحاجة لمواد مرتفعة التكاليف أو محفزات خاصة، حيث تمكن الفريق البحثي من التخلص من ثاني أكسيد الكربون وإنتاج حمض الفورميك بشكل فعال يضاهي الأنظمة الأكثر تعقيدًا.

وأضاف الدكتور دينش: "سيساهم هذا الابتكار في تمهيد الطريق أمام أنظمة المحفزات الضوئية المستدامة والأكثر فعالية المستخدمة في مجال الحد من ثاني أكسيد الكربون".

يذكر أن فريق الدكتور دينش في جامعة خليفة يقوم في الوقت الحالي بإجراء البحوث التي تركز على المواد ذات الهياكل العضوية الجزيئية المجدية اقتصاديًا في مجال تحويل ثاني أكسيد الكربون. ويعتبر الدكتور دنيش عضوًا في مركز الفصل والتحفيز، وهو أحد المراكز البحثية في جامعة خليفة.