تساهم نتائج الدراسة في التوصل لمنهجيات علاجية لمواجهة الفيروس المسبب لمشكلات صحية كبيرة وأعباء اقتصادية في جميع أنحاء العالم
باحثة من جامعة خليفة وباحثون آخرون من الدولة يكشفون عن ثمانية جينات تؤثر في شدة الإصابة بكوفيد-19

يكمن الغموض في جائحة كوفيد-19 في اختلاف شدة الإصابات بين الأفراد ما بين متوسطة وشديدة الخطورة وتتباين حالات الإصابة بالفيروس من عدم ظهور الأعراض إلى إصابات قد تعرض حياة الأفراد للخطر تتمثل بالالتهاب الرئوي الفيروسي ومتلازمة ضيق التنفس الحاد. وعلى الرغم من الكشف عن بعض العوامل المتعلقة بشدة المرض، إلى أنها لا تفسر جميع هذه التباينات التي نشهدها.

وفي هذا الصدد، توصل فريق بحثي في دولة الإمارات إلى أن التركيب الجيني للفرد يساهم في قابلية التعرض للإصابة بالفيروس وطبيعة الاستجابة له. وفي حين أن العوامل البيئية والصحية والاجتماعية تؤثر في الإصابة بفيروس سارس كوف-2، تلعب الجينات المضيفة  دورًا بارزًا في درجة حدة المرض.

وضم الفريق البحثي القائم على هذه الدراسة كلًا من الدكتورة حبيبة الصفار، أستاذة مشاركة ومديرة مركز جامعة خليفة للتكنولوجيا الحيوية والدكتورة ميرا موسى والباحثَين المشاركَين هيما فوريفي وحسين قنوط، وجميعهم من مركز جامعة خليفة للتكنولوجيا الحيوية، إلى جانب باحثين من مدينة الشيخ خليفة الطبية وهيئة الصحة بدبي وجامعة غرب أستراليا. وقد تم نشر نتائج هذه الدراسة في المجلة الطبية المرموقة "ذي لانسيت".

وفي إطار دراستهم البحثية الشاملة، ركز الفريق على ما مجموعه 646 مريض مصاب بفيروس كوفيد-19، تم نقل 482 منهم إلى المستشفى لحاجتهم لأجهزة التنفس  الاصطناعي والأكسجين نتيجة الإصابة بمتلازمة ضيق التنفس الحاد والالتهاب الرئوي ومضاعفات أخرى شديدة، حيث أظهرت نتائج الفحص الجيني لديهم وجود 8 جينات في الرئتين يُتوقع ارتباطها بحالات الإصابة الخطيرة التي تستدعي الدخول إلى المستشفى.

وقد تم رصد بعض عوامل الخطورة وإدارة المرض والأنظمة الصحية المساهمة لمجموعة متنوعة من أعراض الإصابة بكوفيد-19 التي يمكن مشاهدتها، لكن أثبتت العديد من الدراسات المتمركزة حول العلاقة بين الجينات والإصابة بالفيروس وجود رابط بين التركيب الجيني للمريض ومدى قابليته للإصابة الشديدة.

وتوصلت الدكتورة حبيبة وباحثون آخرون من الدولة إلى أن الإصابة بكوفيد-19 تؤثر  على التعبير الجيني الذي يرتبط بدوره بحدوث التهابات وعمليات أكسدة في الجسم، حيث تم رفع مستوى التعبير الجيني للجينات المسؤولة عن إنتاج أنواع أكسجين تفاعلية، وهي أجزاء غير مستقرة تحتوي على الأكسجين وتتفاعل بسهولة مع جزيئات أخرى داخل الخلية، بينما تم الحد من التعبير الجيني المؤثرة في إنتاج مضادات الأكسدة، وهي جزيئات مسؤولة عن محاربة الجذور الحرة.

وقد تم الكشف عن ثمانية جينات تتميز بارتباطها الوثيق بحالات الإصابة شديدة الخطورة بفيروس كوفيد-19، وذلك بفضل الدراسة الأولى من نوعها في دولة الإمارات التي ركزت على ارتباطات الجينوم بالمرض.

من جانبها، قالت الدكتورة حبيبة: "يساهم تحديد المتغيرات الجينية المرتبطة بشدة الإصابة بفيروس كوفيد-19 في الكشف عن معلومات بيولوجية جديدة حول أسباب المرض وتحديد الأهداف الميكانيكية لتطوير العلاجات واللقاحات، حيث أصبح بإمكاننا اليوم التعرف إلى الأفراد القابلين للإصابة الخطيرة بشكل خاص".

وتهدف المنهجية التي صممها الفريق البحثي إلى الكشف عن المتغيرات المشتركة بين المجموعات العرقية والمتمثلة بالجينات الثمانية المؤثرة في مدى خطورة الإصابة بالفيروس بين مختلف السكان، حيث وُجدت هذه الجينات في الرئتين وترتبط بتطور أورام وأمراض الرئة وانسداد مجرى الهواء فيها. وفي مرضى كوفيد-19 الخاضعين للعلاج في المستشفيات، ترتبط هذه الجينات بالتهابات الرئتين وفشل الجهاز التنفسي الذي يستدعي الحاجة لأجهزة التنفس الاصطناعي.

وتشير نتائج هذه الدراسة إلى أهمية الدور الذي يلعبه التنوع الجيني في تحديد درجة الإصابة بفيروس سارس كوف-2 وطبيعة استجابة الجسم له.

وأضافت الدكتورة حبيبة: "يتعين علينا إجراء المزيد من الدراسات على جينات السكان في جميع أنحاء العالم ليتسنى لنا تحديد هذه الجينات في مجموعات سكانية أخرى خارج نطاق الدولة، لنقوم بعد ذلك بتطوير علاجات محددة حسب السكان للحد من خطورة هذا المرض عالميًا".