فريق بحثي من جامعة خليفة يطور مادة جديدة اقتصادية وذات فعالية تساهم في التقاط انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون

يعتبر الحد من انبعاث الغازات المسببة للاحتباس الحراري، خاصة ثاني أكسيد الكربون، أمرًا في غاية الأهمية في مواجهة مشكلة تغير المناخ، ويعتبر التقاط غاز ثاني أكسيد الكربون من مصدره قبل دخوله للغلاف الجوي واحدة من الطرق القادرة على تحقيق ذلك.

وفي هذا الصدد، صمم الدكتور جورجيوس كارانيكولوس، الأستاذ المشارك في الهندسة الكيميائية والعالمان البحثيان الدكتور فينغاتيسان رانغاراج والدكتور كي سوريش كومار ريدّي، مادة جديدة وطوروها للاستفادة منها في مجال التقاط الكربون، كما قاموا بفحص خصائص المادة ومدى فعالية العناصر المكونة لها والتي تشمل الفوسفازين والتريازين في ظروف مختلفة، ونشروا نتائج بحثهم في المجلة الدولية "كيميكال إنجنييرنغ جيرنال".

وقال الدكتور جورجيوس: "يعد ثاني أكسيد الكربون السبب الرئيس للاحتباس الحراري العالمي وله آثار سلبية على تغير المناخ في العقود الأخيرة الماضية وآثار سلبية متوقعة في المستقبل القريب، حيث يساهم احتراق الوقود الأحفوري  في رفع مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي. وبما أن الوقود الأحفوري هو المصدر السائد للطاقة، لا بد من البحث عن طرق فعالة واقتصادية لالتقاط ثاني أكسيد الكربون المنبعث من عمليات الاحتراق".

تعد استراتيجية التقاط الكربون والاستفادة منه وحفظه طريقة واعدة وواسعة الانتشار في الوقت الحالي ويمكن تطويرها بشكل يعزز فعاليتها دون استهلاك الطاقة وبتكلفة اقتصادية منخفضة.

ويتطلب التقاط الكربون مادة ماصة تساهم في التقاطه من ضمن تيار من الغاز  وإطلاقه بسهولة ليتم الاستفادة منه لاحقًا أو حفظه لفترة طويلة الأمد.

تحدث عملية التقاط ثاني أكسيد الكربون عند تجمع ذراته في مسامات المادة التي تتميز باحتوائها على مواقع فعالة للامتصاص، فعند انخفاض درجة الحرارة يلتصق ثاني أكسيد الكربون على سطح المادة وعند ارتفاعها يتم إطلاقه، كما قد يساهم مستوى الضغط في التأثير على عمليات التقاط وإطلاق ثاني كسيد الكربون.

وتُستخدم في الوقت الحالي المحاليل الأمينية المائية، وهي محاليل تحتوي على الماء ومركبات عضوية تسمى الأمينات تحتوي على ذرات النيتروجين التي تلتصق بذرات الهيدروجين والكربون، في مجال التقاط ثاني أكسيد الكربون في التطبيقات الصناعية، حيث تتميز المحاليل الأمينية بفعالية عالية في التقاط ثاني أكسيد الكربون، الأمر الذي جعل من هذه المحاليل تكنولوجيا متطورة في هذا الجانب، إلا أن هناك تحد واحد أمام هذه التكنولوجيا وهو عند رفع درجة حرارة المحاليل لمعالجة ثاني أكسيد الكربون يتم فقدان بعض منها في الغلاف الجوي.

وللتغلب على هذه المشكلة، يمكن الاستعانة بالمواد  الماصة الصلبة كبديل عن عن المحاليل الأمينية، حيث يمكن للمواد الماصة الصلبة امتصاص ثاني أكسيد الكربون بدقة وفعالية. وفي هذا الإطار، ركز فريق جامعة خليفة البحثي على دراسة مجموعة متنوعة من المواد الماصة  الصلبة والتي تشمل الزيوليت وهياكل الكربون النانوية المسامية والهياكل المعدنية العضوية والهياكل العضوية المسامية.

وأضاف الدكتور جورجيوس: "تم خلال السنوات الأخيرة الماضية دراسة الهياكل المعدنية العضوية والهياكل العضوية المسامية بشكل معمق بهدف الاستفادة منها في العديد من التطبيقات لمرونتها ولما تحظى به من خصائص متميزة في التركيب. ومن جهة أخرى، تتمتع الهياكل المعدنية العضوية باستقرار حراري وكيميائي، وهو ما يحول دون استخدامها في البيئات الصعبة، في حين تحظى الهياكل العضوية المسامية باستقرار حراري وكيميائي أيضًا إلا أنه يمكن الاستفادة منها في البيئات الصعبة نتيجة توفر الروابط التساهمية التي تربط بين مسامها".

وعلى صعيد آخر، تعتبر هياكل التريازين التساهمية نوعًا من أنواع الهياكل العضوية المسامية ذات خصائص يمكن التحكم بها من خلال التصميم الدقيق للاستفادة منها في التطبيقات المختلفة والتي تشمل امتصاص ثاني أكسيد الكربون، حيث يتميز هذا النوع من الهياكل بسهولة التصنيع وإمكانية تصميمه بطريقة تعزز قدرته على انتقاء ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، كما يتميز باحتوائه على مجموعة من العناصر التي تعزز الخصائص الكيميائية في الهياكل، وبالتالي تحسين مستوى امتصاص الكربون بشكل كبير، وتشمل العناصر كلًا من الكبريت  و الفسفور والبورون والأكسجين.

صمم فريق جامعة خليفة البحثي هياكل التريازين التساهمية الفسفورية وطوروها وقاموا باختبارها في مجال امتصاص ثاني أكسيد الكربون وإطلاقه في مختلف درجات الحرارة ومستويات الضغط. وتتميز هذه الهياكل باتساع مساحة سطحها وكثافتها المنخفضة واستقرارها الحراري والكيميائي الذي يتيح الاستفادة منها في درجات حرارة عالية وظروف بيئية صعبة.