باحثون من جامعة خليفة يتعاونون مع باحثين دوليين لتطوير جهاز لرصد نسب الغلوكوز في الدم بالاعتماد على الغرافين المسامي

كشف تقرير صادر عن منظمة الصحة العالمية أن مجموع الأفراد المصابين بداء السكري عالميًا يزيد عن 382 مليون شخص، حيث يعرف داء السكري بأنه المرض الناتج عن حدوث اضطراب في عملية التمثيل الغذائي في جسم الإنسان يؤثر في مستويات السكر في الدم. وتعتمد أسباب الإصابة بمرض السكري على نوعه، علمًا بأن كل نوع من يسبب زيادة في نسب السكر بالدم وبالتالي حدوث مشاكل صحية خطيرة. لذلك، يعتبر رصد مستويات السكر في الدم أمرًا في غاية الأهمية لعلاجه.

تعاون باحثون من جامعة خليفة مع فريق بحثي دولي للكشف عن مزايا الغرافين المسامي، والذي يُعرف أيضًا بالغرافين المثقَّب، في مجال رصد نسبة الغلوكوز في الدم، حيث يتم امتصاص جزيئات السكر من خلال صفيحة الغرافين التي تقوم بدورها بتغيير الخصائص الإلكترونية للمادة ليتم بعد ذلك تقييم هذه التغيرات ومطابقتها ببيانات نسبة السكر في الدم بهدف رصد مستوياته دون إجراء فحوصات جراحية.

وفي هذا الصدد، تعاون الدكتور محمد سجاد، باحث دكتوراه والدكتور نيربندرا سنغ، أستاذ مساعد وكلاهما من قسم الفيزياء في جامعة خليفة مع الدكتور بسبامترا بانيغراهي من معهد هندوستان للتكنولوجيا والعلوم في الهند والدكتور ديوبرات سنغ والأستاذ راجيف آهوجا من جامعة أوبسالا في السويد والدكتور تنفير حسين، من جامعة كوينزلاند في أستراليا والأستاذ جيه آندرياس لارسون من جامعة لوليا للتكنولوجيا في السويد، وقام الباحثون بنشر نتائجهم البحثية في المجلة الدولية "أبلايد سيرفس ساينس".

من جانبه، قال الدكتور نيربندرا: "بدأ الطلب على أجهزة استشعار نسب الغلوكوز  المحمولة ذات الفعالية والتكلفة الاقتصادية المنخفضة يتزايد بشكل ملحوظ لا سيما بعد الابتكار الأول لأجهزة الاستشعار الحيوية، حيث تعتبر أجهزة الكشف عن نسبة السكر المتوفرة اليوم مكلفة من الناحية الاقتصادية وتتطلب من الأفراد إجراء عمليات الوخز المؤلم للإصبع بغية الفحص".

ويساهم الكشف المتواصل عن مستويات الغلوكوز لدى مرضى السكري في التحكم في درجة المرض والمضاعفات المصاحبة له. وبشكل عام، يوجد نوعان من أجهزة الاستشعار المخصصة لرصد الغلوكوز  المتوفرة اليوم في الأسواق هما، أجهزة الرصد الإنزيمية وأجهزة الرصد غير الإنزيمية.

تعتمد الأجهزة الإنزيمية على إنزيم غلوكوز ديهيدروجينيز أو ما يُعرف بإنزيم غلوكوز أكسيديز  الذي يتفاعل مع جزيئات الغلوكوز لينتج عن ذلك ردة فعل كهربائية ترتبط بتركيز الغلوكوز. ويتميز هذا النوع من أجهزة الاستشعار  بتكلفة تصنيعه المرتفعة وتأثره بالظروف البيئية. أما أجهزة الاستشعار غير الإنزيمية تتيح عملية تأكسد الغلوكوز بشكل مباشر على سطح جهاز الاستشعار حيث تؤدي الجزيئات دورها كمحفزات كهربائية تساهم في توفير الاستقرار مع تكرار الاستخدام، إضافة للتكلفة الاقتصادية المنخفضة في تصنيع هذا النوع من الأجهزة.

الجدير بالذكر أنه تم اختبار أنواع مختلفة من المواد لتطوير أجهزة استشعار غير إنزيمية، ولكن ركز الفرق البحثي مادة الغرافين وبشكل خاص الغرافين المسامي.

تعد مادة الغرافين مادة فريدة من نوعها تتكون من ذرات الكربون بشكل سداسي شبكي، كما أنها متعددة الاستخدامات وتدخل في العديد من التطبيقات في مختلف المجالات لما تتميز به من خصائص ضوئية وكهربائية حرارية وميكانيكية متميزة.

ويمثل الغرافين المسامي شكلًا من أشكال الغرافين الذي يتميز بمسامات نانوية، ويعتمد أداؤه على حجم تلك المسام وكثافتها وشكلها، حيث تتوزع المسام ذات الشكل والحجم الموحد بطريقة مثالية تساهم في تعزيز خصائصها الحرارية والميكانيكية والكهربائية.

ويعتبر الغرافين المسامي الحل الأنسب للامتصاص، فهو يتيح جمع الجزيئات من خلال التصاقها به، كما يتمتع بقدرة عالية في إيصال الكهرباء ومساحة سطحية كبيرة، وهو ما ركز عليه الفريق البحثي لتطوير جهاز رصد الغلوكوز.

وأضاف الدكتور نيربندرا: "تعد المواد النانوية ثنائية الأبعاد الشبيهة بالغرافين والغرافين المسامي من أفضل المواد الممكنة في مجال تطوير الجيل الجديد من أجهزة استشعار الغلوكوز عالية الفعالية، نظرًا لاعتماد أداء المستشعرات البيولوجية الكهروكيميائية فيها على مساحة السطح الواسعة والتي تحسن بدورها نقل الشحنات وعمليات التحفيز".

من ناحية أخرى، توصل الفريق البحثي إلى ضرورة تطوير مستشعرات بيولوجية غير إنزيمية وذات تكلفة اقتصادية بهدف رصد الغلوكوز  بطريقة غير جراحية من خلال قدرتها على فحص مستويات الغلوكوز في السوائل باستثناء الدم كالدموع والعرق واللعاب، حيث يسهل الوصول لهذه السوائل دون الحاجة لوخز الإصبع للتعرف إلى العديد من العلامات الحيوية في جسم الإنسان، كما هو الحال في الكشف عن السرطانات والزهايمر وباركنسون والتليف الكيسي والتصلب الجهازي وأمراض العين.

يُذكر أن هذا المشروع البحثي قد تم بدعم من مجلس البحوث السويدي ودائرة التعليم والمعرفة في أبوظبي وجامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا.