باحثون من جامعة خليفة يطورون طريقة جديدة آمنة على البيئة لإنتاج الجسيمات النانوية المضادة للبكتيريا

تلعب جسيمات الفضة النانوية دورًا فعالًا في مكافحة الجراثيم إلا أن عملية تصنيعها مكلفة جدًاوتتطلب مذيبات سامة لإنتاجها. وفي هذا الصدد، توصل باحثون من جامعة خليفة إلى طريقة جديدة لإنتاج جسيمات الفضة النانوية باستخدام الكيمياء الحيوية والمجالات المغناطيسية، خاصة وأن الجسيمات النانوية للمعادن وأكسيد المعادن تُستخدم في مجالات واسعة ومتنوعة في التطبيقات التجارية.

وتمثل جسيمات الفضة النانوية مثالًا على تلك المعادن لما تتمتع من فعالية في مكافحة الجراثيم، فهمي تدخل في صناعة الصابون وعلاج الجروح وفي صناعة بعض المراهم الطبية والأجهزة الطبية الحيوية كأجهزة القسطرة والصمامات المعرضة بشكل كبير لنمو البكتيريا عليها.

وفي السياق، قام فريق بحثي من جامعة خليفة وجامعة قرطاج بتطوير طريقة جديدة لإنتاج جسيمات الفضة النانوية باستخدام خميرة الخبز  ومجال مغناطيسي ساكن وتم نشر نتائج البحث في المجلة العلمية المرموقة "ساينتيفك ريبورتس" هذا الشهر.

وضم الفريق البحثي كل من الدكتور ديفيد شيهان، أستاذ الكيمياء الحيوية وعميد كلية الآداب والعلوم في جامعة خليفة والدكتور سيوبهان أوساليفان، الأستاذ المساعد في الأحياء الجزيئية وعلوم الجينات من جامعة خليفة أيضًا، إلى جانب أميني كثيري والدكتورة سلمى حميمد وعبدالحق عثماني وأحمد لاندلسي وجميعهم من جامعة قرطاج في تونس.

من جهته، قال الدكتور ديفيد: "يهدف بحثنا إلى الحد من استخدام المواد الكاشفة التي من الممكن أن تسبب ضررًا خلال عملية تصنيع جسيمات الفضة النانوية وذلك للتقليل من المخاطر البيئية والصحية الناتجة عن ذلك".

وأضاف الدكتور ديفيد: "تعتمد الكيمياء الخضراء على استخدام الأساليب المستدامة لتصميم وتصنيع المواد الكيميائية وتعتبر الأنظمة الحيوية واحدة من أشهر المنهجيات المتبعة في صناعة جسيمات المعادن النانوية الخضراء، حيث يمكن لمختلف أنواع البكتيريا والفطريات والنباتات والمخلفات الحيوية أن تساهم في تحفيز التفاعلات التي تؤدي إلى اختزال المعادن للحصول على هياكل نانوية مفيدة".

وتُعرف عملية الاختزال بأنها تفاعلات كيميائية تقوم الذرات من خلالها بكسب الإلكترونات من عوامل مسببة للاختزال والتي قد تكون طبيعية أو مصنعة بطريقة خضراء من مستخلصات نباتية أو كائنات حية دقيقة لتجنب الحاجة للمواد الكيميائية الخطرة. ويتميز التصنيع الأخضر بفعاليته وتكلفته الاقتصادية المناسبة، إضافة لمساهمته في استقرار الجسيمات النانوية الناتجة، كما يتميز بإمكانية التحكم بحجم الجسيم النانوي من خلال التحكم بكمية وشكل عامل الاختزال المستخدم.

وتعتمد الخصائص المضادة للجراثيم في جسيمات الفضة النانوية الناتجة على متوسط قطر الجسيم النانوي، فكلما كان حجم الجسيم أصغر زادت فعاليته ضد البكتيريا. فعندما استُخدمت الخميرة لتطوير جسيمات الفضة النانوية، تراوح متوسط قطر الجسيمات ما بين 11 إلى 25 نانومتر.

وقام أيضًا الأستاذ الدكتور ديفيد وفريقه البحثي بتعريض مجال مغناطيسي ساكن للمركب الحيوي وفقًا لمنهجيتهم الجديدة، وتعتبر المجالات المغناطيسية مجالات قوة بسبب المغناطيس الذي يساهم في تدفق الكهرباء، حيث أظهرت الدراسات  الأثر العميق للمجالات الكهربائية الساكنة في خلايا الثدييات والبكتيريا بما في ذلك تحفيز الإجهاد التأكسدي.

وتوصل الباحثون إلى أن الخميرة التي استخدموها في تطوير جسيمات الفضة النانوية قد تعرضت لإجهاد تأكسدي وانخفض معدل نموها عند تعرضها لمجال مغناطيسي ضعيف.

وللكشف عن آثار المجال المغناطيسي في تصنيع جسيمات الفضة النانوية، قام الباحثون بإضافة نترات الفضة على الخميرة ووجدوا أن الجسيمات النانوية التي تم تطويرها بمجال مغناطيسي كانت أصغر بشكل ملحوظ وأكثر  فعالية في وقف نمو البكتيريا.

وتوفر هذه المنهجية مسار كيميائي صديق للبيئة جديد في مجال صناعة جسيمات معدنية نانوية تدخل في العديد من التطبيقات التجارية والطبية الحيوية. وعلى صعيد آخر، يشير الفريق البحثي إلى أن هذه الطريقة هي الأولى من نوعها التي تستخدم مجالات مغناطيسية ساكنة لإنتاج جسيمات معدنية نانوية من مواد حيوية.

يُذكر أن جسيمات الفضة النانوية قد توفر حلًا بديلًا ومجديًا للمضادات الحيوية التقليدية، كما ستساهم صناعتها التي تتميز  بأنها غير مكلفة اقتصاديًا وفعالة وآمنة على البيئة بدور بارز  في تعزيز الصحة العامة عالميًا.