بالتعاون مع بلدية مدينة أبوظبي
باحثون من جامعة خليفة يطورون خليط اسفلتي مستدام وغير مكلف اقتصاديًا استُخدم في تعبيد طريق الشاحنات أبوظبي-العين

أعلنت جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا اليوم عن قيام فريق بحثي من قسم البنية التحتية المدنية والبيئية بتطوير خليط اسفلتي باستخدام مادة المطاط المستخرج من إطارات السيارات المُعاد تدويرها يُقلل التكلفة الاقتصادية ويحد من الآثار البيئية الناجمة عن رصف الطرق، وتم استخدام هذا الخليط في مرحلة التجارب الأولية في تعبيد مسافة كيلومترين من طريق الشاحنات (إي 30) الواصل بين العاصمة أبوظبي ومدينة العين.
وتم ضمن مشروع الدراسة وبهدف مقارنة الأداء تعبيد طريق أبوظبي (إي 30) بخمسة أنواع من الاسفلت في الفترة ما بين أكتوبر ونوفمبر 2019 بالتعاون مع الشركاء الصناعيين كشركة ريشموند بتروليوم وتارماك كولاس ومجموعة الصحراء، حيث تم تصميم اثنتين منها باستخدام قطع مطاط القار المحسن واثنتين من بوليمر القار المحسن التجاري والخلطة الخامسة مصنوعة من القار التقليدي غير المعدل.
ويهدف هذا المشروع إلى الاستفادة من قطع المطاط المستخدمة في صناعة إطارات السيارات والمكونة من جسيمات القار والمطاط بدلًا من البوليمرات الاصطناعية المكلفة اقتصاديًا والتي يعتمد عليها العالم اليوم في صناعة الأسفلت. وتتميز قطع المطاط الناتجة عن القار المحسن بخصائص ميكانيكية مشابهة للبوليمرات إن لم تكن أفضل منها.
من جانبه قال الدكتور عارف سلطان الحمادي، نائب الرئيس التنفيذي في جامعة خليفة: "تعتبر الاستدامة من أهم الأولويات في أبوظبي، لذلك تحرص جامعة خليفة على دعم أهداف أبوظبي في الحد من انبعاثات غاز الكربون وحماية الموارد البيئية فيها. وفي هذا الإطار، يشكل تعبيد الطرق المستدام أمرًا في غاية الأهمية لتحقيق هذا الهدف، حيث سيساهم في التخفيف من استهلاك الموارد الطبيعية والحد من استهلاك الطاقة والغازات المسببة للاحتباس الحراري ونسب التلوث، إضافة إلى تعزيز أداء شبكات الطرق ودعم أهداف شركة تدوير في إعادة تدوير 75% من المخلفات الناتجة في أبوظبي خلال عام 2021".
وأفاد المهندس عيسى مبارك المزروعي، المدير التنفيذي لقطاع البنية التحتية وأصول البلدية في بلدية مدينة أبوظبي أن الدراسة تأتي في إطار الشراكة القائمة مع جامعة خليفة وكان أولى ثمارها تأسيس "المركز الوطني لأبحاث البنية التحتية"، تحقيقا" لرؤية التنمية المستدامة ودعماً لمبادرات الابتكار التي تقدم حلولاً صديقة للبيئة قائمة على أسس علمية وجدوى اقتصادية.  وأشار المهندس المزروعي الى إطلاق دراسة جديدة مشتركة مع جامعة خليفة في مجال تحديث وتطوير المواصفات والمعايير التصميمية للخلطات الاسفلتية الملائمة للظروف البيئية المحلية وللمواد الطبيعية المتوفرة في الدولة.   
ويشرف على مشروع الدراسة فريق بحثي مشترك يتألف من الدكتور توم سكارباس، أستاذ ورئيس هندسة البنية التحتية المدنية والبيئية والأستاذ المساعد الدكتور ميشيل لانوتي ومهندسين أخصائيين من قطاع البنية التحتية وأصول البلدية في بلدية مدينة أبوظبي.
وأكد الدكتور ميشيل أنه يمكن إعادة تدوير ما يُقارب 650 إطارًا لإنشاء طريق تبلغ مسافته كيلو مترًا واحدًا، مشيرًا إلى أن هذه التكنولوجيا تساهم بشكل فعال في الحد من مخزون الإطارات المستعملة في دولة الإمارات وانبعاثات الغازات الناتجة عن الطاقة المستهلكة في تعبيد الطرق في أبوظبي، إضافة إلى تحسين مستوى أداء شبكة الطرق المحلية، كما اعتبر الدكتور ميشيل الطرق المعبدة باستخدام قطع مطاط القار المحسن آمنة على البيئة وذات تكلفة اقتصادية أقل، لذلك فهي تُعد حلًا لمشكلة التخلص من إطارات السيارات المستعملة.
وتظهر الحاجة لخلطات الأسفلت الاقتصادية والمستدامة بشكل أكثر إلحاحًا نظرًا للتحديات التي يفرضها تغير المناخ والنمو السكاني المتسارع اللذان يتطلبان توفير اسفلت قادر على تحمل درجات الحرارة المرتفعة وأكبر عدد ممكن من المركبات على الطرق، كما تشكل الطاقة المستخدمة في استخراج وإنتاج مواد تعبيد الطرق وتكريرها عاملًا مساهمًا في انبعاثات الكربون والآثار المترتبة عليه.
ويتم إنتاج ما يزيد على 7,000 طن من الإطارات المستهلكة في إمارة أبوظبي وحدها في العام 2018، حيث تم إعادة تدوير تلك الإطارات جزئيًا لصناعة المطاط محليًا، الأمر الذي يستدعي إيجاد حل علمي سريع لتفادي المشاكل الناجمة عن تخزين كميات كبيرة من مخلفات المطاط.
وجاءت فكرة المشروع استجابة لخطة النقل البري الشاملة في دولة الإمارات 2030 والتي تهدف إلى الحفاظ على استمرارية أصول البنية التحتية لمدة أطول وتجنب الأضرار التي قد تلحق بجودتها من خلال الاستفادة من الموارد وتقليل نسب التلوث وتوفير بيئة متميزة في أبوظبي.
وقد لاحظ الفريق البحثي أن خلطات الاسفلت التي تحتوي على قطع مطاط القار المحسن أظهرت فعالية أكبر في تراصها ودمجها مقارنة بالخلطات الأخرى، والذي أكد على عدم الحاجة إلى معدات دمج الاسفلت التي تتطلبها الخلطات الأخرى، حيث قال الدكتور توم: "تعتبر هذه النتائج إيجابية بشكل كبير لأنها تعود بآثار  إيجابية على الفريق البحثي وإجمالي التكلفة ووقت الإنشاء".
وقد تم جمع عينات الخلطات الأسفلتية خلال عملية الإنشاء ليتم فحصها وتقييمها في مختبر  مواد البنية التحتية في جامعة خليفة، كما يتم في الوقت الحالي فحص مختلف جوانب الاستجابة الميكانيكية للخلطات الأسفلتية المكونة من قطع مطاط القار المحسن، والتي تشمل العيوب الشكلية الدائمة والتصدعات، وتقييمها في المختبر باستخدام معدات فحص حديثة ومتطورة بهدف مقارنتها مع الخلطات الإسفلتية الأخرى المتوفرة محليًا.
وسيتم كذلك مراقبة أداء الأسفلت على طريق أبوظبي (إي 30) خلال تعرضه لحركة المرور ولا سيما الشاحنات خلال الأشهر القليلة القادمة وبإشراف مشترك من قبل بلدية أبوظبي وفريق هندسة تعبيد الطرق في جامعة خليفة، حيث سينتج عن هذه المبادرة المشتركة قيام بلدية أبوظبي بتطوير المعايير المتعلقة بتطبيق تكنولوجيا الاسفلت المصنوع من قطع مطاط القار المحسن في كافة أنحاء إمارة أبوظبي.
تُساهم جامعة خليفة من خلال الاستفادة من المخلفات الصناعية في أبوظبي في التقليل من كمية إطارات السيارات في مكبات النفايات عن طريق تطوير تكنولوجيا ذات أهمية كبيرة لإنشاء الطرق بشكل اقتصادي وأكثر استدامة في دولة الإمارات.