قد يضم مركز الكون المادة السوداء وليس الثقب الأسود وفقًا للمعادلات الرياضية التي طورها الدكتور ديفيد باتيك
باحث من جامعة خليفة يكشف عن الغموض الكامن في مركز الكون باستخدام الرياضيات

ساهمت التكنولوجيا الحديثة مؤخرًا بالتقاط صور لما كان يُعتقد بأنه خيال علمي حيث تم عرض أول صورة للثقب الأسود عام 2019 وتكريم ثلاثة علماء فيزيائيين بمنحهم جائزة نوبل 2020 لجهودهم في إثبات وجود الثقب الأسود في مركز مجرتنا.

من جهته، قام الدكتور ديفيد باتيك، الأستاذ المشارك في الرياضيات في جامعة خليفة، بإجراء بعض الإضافات على هذا البحث ونشر النماذج التي تبين أن النتيجة الفائزة بجائزة نوبل قد تحتمل الصواب و الخطأ.

ونشر كل من الدكتور ديفيد والدكتور عاصم أبوحجلة، طالب الرياضيات في جامعة خليفة، والدكتور ماريك ناواكوسكي من جامعة لوس أنديس في كولومبيا، نتائج بحثهم في المجلة العلمية المرموقة "ذا يوروبيان فيزيكالجيرنال سي".

وتتكون الثقوب السوداء عند تحطم نجم كبير جدًا بشكل يمنعه من الاندماج النووي لنفاد طاقته وبالتالي موته مكونًا بذلك ثقبًا أسودًا.

وقد حصل الفيزيائيون الثلاثة وهم، روجر بينروز  ورينهارد جنزل وآندريا غيز على جائزة نوبل 2020 في الفيزياء لبحثهم الذي ركز على فهم الثقوب السوداء والتأكيد على أنها نتائج حتمية لنظرية النسبية للعالم ألبيرت آينشتاين، حيث تم إثبات احتمالية وجود الثقوب السوداء وفقًا للنظرية النسبية، إلا أنه يشكل إيجادها أمرًا في غاية الصعوبة.

من جانبه، قال الدكتور ديفيد: "أكد الفيزيائيون وجود كتلة كبيرة جدًا في مركز المجرة من خلال ملاحظة الحركة المدارية للنجوم فيها، كما أكدوا على أن هذه الكتلة هي ثقب أسود ضخم. وبدورنا، نود أن نضيف جانبًا آخرًا مهمًا لاستنتاجهم وهو وجود المادة السوداء في مجرتنا".

وفي إطار الحديث عن المادة السوداء التي لا يزال يكتنفها بعض الغموض، تشكل الطاقة السوداء ما نسبته 68% من الكون وتشكل نسبة المادة السوداء فيها 27%، أما الذرات والجزيئات والمواد الطبيعية الأخرى تصل نسبتها إلى أقل من 5%.

وفي هذا الصدد، لا تتفاعل المادة السوداء مع القوى الكهرومغناطيسية على عكس المواد الطبيعية، حيث أنها لا تقوم بامتصاص الضوء ولا تساهم بانعكاسه أو انبعاثه ويمكن الاستدلال على وجودها من خلال تأثير الجاذبية.

وأضاف الدكتور ديفيد: "توصلنا إلى سيناريوهين في هذا الإطار، فوفقًا للنموذج الأول يحتمل أن يكون هناك ثقب أسود ضبابي ويمكن حسب النموذج الثاني أن لا يكون هناك ثقب أسود على الإطلاق وإنما قد يوجد جسم ضخم ذاتي الجاذبية ناتج عن المادة السوداء".

ويعرف الثقب الأسود بأنه منطقة في الفضاء تم فيها تحطم مادة تشهد قوة سحب كبيرة جدًا من قبل الجاذبية بشكل يمنع مرور كل شي خلالها بما في ذلك الضوء، كما يعتبر الثقب الأسود كثيفًا بشكل مطلق وأكبر من الشمس بمليارات المرات.

وتعرف المنطقة المحيطة بالثقب الأسود باسم أفق الحدث، وهي المنطقة التي تعد نقطة اللارجوع وأي جسم قد يعبر  تلك المنطقة يتم نقله لمجال الجاذبية في مركز الثقب الأسود.

وتفسر نظرية النسبية العامة لآينشتاين الفيزياء على نطاق واسع، إلا أنها أخطأت عند تطبيقها في سياق ما يحدث في مجال الجاذبية. وهنا يأتي دور الميكانيكا الكمية التي تفسر الطبيعة على أصغر المستويات كالذرات والجسيمات تحت الذرية.

وقال الدكتور ديفيد: "تعتبر النظرية الخيطية أفضل خيار لنا في الفيزياء النظرية، فهي تجمع ما بين الميكانيكا الكمية ونظرية النسبية العامة. فلو تخيلنا أن الثقب الأسود هو كرة ضبابية دون وجود لمجال الجاذبية أو منطقة أفق الحدث وإنما كرة من الخيوط المتشابكة حسب النظرية الخيطية، يمكن أن نجد حلًا للمسألة يجمع بين التفسيرات الكمية والكلاسيكية فيما يخص الثقب الأسود".

وتنص النظرية الخيطية على أن الكون بأكمله مصنوع من خيوط تتذبذب بطرق مختلفة لتكوين الزمان والمكان وجميع القوى والجسيمات التي نعرفها. وإذا افترضنا أن الثقب الأسود كرة خيطية، فإن شكله لن يبدو كحفرة من الجاذبية سلسة ودون معالم تضيق إلى الأسفل باتجاه نقطة معينة، وإنما ستبدو ككرة مليئة بالخيوط ذات سطح ضبابي وستؤثر كثافة الضبابية فيها على النجوم من حولها بنفس الطريقة التي يؤثر  فيها الثقب الأسود التقليدي على الضوء والمكان والزمان، وذلك ما يمكنه نموذج الدكتور ديفيد التنبؤ به. ومن جهة أخرى، عند استخدام النموذج بطريقة أخرى ليشمل المادة السوداء في مركز المجرة ستكون النتيجة مختلفة تمامًا، حيث تنبأ النموذج بالمادة السوداء على أنها قطرات ذاتية الجاذبية وخالية من مجال الجاذبية المركزي.

يذكر أن القطرات الضبابية تفتقر لمنطقة أفق الحدث الخارجية،وإذا تم تشكيل الأفق فإنه سيكون ثقبًا أسودًا ضبابيًا.