يهدف الباحثون في الجامعة إلى تحديد خصائص الطقس في منطقة شبه الجزيرة العربية وتعزيز مستوى المعرفة المرتبط بالمتغيرات الموسمية السنوية
جامعة خليفة تجري بحثًا يُبين أسباب ارتفاع درجات الحرارة في فصل الصيف في دولة الإمارات

يسعى الباحثون في جامعة خليفة لتحقيق الفهم العلمي العميق للعمليات التي تؤثر في المناخ في منطقة شبه الجزيرة العربية ليستعدوا بذلك لمحاكاة المتغيرات وإجراء المشاريع المتمركزة حول التغيرات المناخية في المنطقة مستقبلًا.

وفي هذا الصدد، قام كل من الدكتور ريكاردو فونسيكا، باحث دكتوراه والدكتورة ديانا فرنسيس، عالمة بحثية أولى ورئيسة مختبر  العلوم البيئية والجيوفيزيائية في جامعة خليفة والدكتور ناريندرا نيللي، باحث دكتوراه إلى جانب الدكتور موهان ثوتا من المركز الوطني الهندي للتنبؤ الجوي متوسط المدى ببحث نظامين جويين يعتبران مسؤولَين عن تحديد طبيعة المناخ في المنطقة، وهما: نظام الحرارة المنخفضة في منطقة شبه الجزيرة العربية ونظام الاختلال المداري، حيث نشر الباحثون نتائج دراستهم في المجلة الدولية المرموقة "إنترناشونال جيرنال أوف كلايميتولوجي".

ويمكن تعريف نظام الحرارة المنخفضة في منطقة شبه الجزيرة العربية بأنه منطقة تتمتع بهواء دافئ قريب من سطح الأرض ينشأ على اليابسة كنتيجة لتعرض سطح الأرض لدرجات حرارة مرتفعة ناجمة عن أشعة الشمس، بينما يعتبر نظام الاختلال المداري الحاجز الذي يفصل بين الرياح الحارة الجافة القادمة من المنطقة الصحراوية من جهة والرياح الباردة الرطبة القادمة من بحر العرب من جهة أخرى. ويلعب كلا النظامين دورًا هامًا في تحريك  الحمل الحراري الرطب خلال فصل الصيف في واحدة من أكثر الأماكن جفافًا على سطح الكرة الأرضية.

من جانبها، قالت الدكتورة ديانا: "تعتبر المناطق التي تتميز بانخفاض درجات الحرارة ومناطق التقاء الهواء الرطب مع الجاف من الظواهر  المنتشرة بشكل كبير في المناطق المدارية وشبه المدارية والتي تؤثر على الخصائص المناخية في تلك المناطق وتسبب العواصف الرملية فيها والحمل الحراري وهطول الأمطار".

وأضافت: "تشهد منطقة شبه الجزيرة العربية، كغيرها من المناطق الصحراوية، تطورًا ملوحظًا في انخفاض درجة الحرارة خلال فصل الصيف والذي يصاحبه تحرك الجبهة المدارية القادمة من بحر العرب إلى مناطق اليابسة".

ويشكل الاختلال المداري خط التقاء مع حافة تدفق الرياح الموسمية الذي يفصل بين طبقة الرياح الموسمية الرطبة جنوبًا عن الطبقة الحاجزة الجافة شمالاً، حيث تقوم نقطة الالتقاء هذه بدور محوري في تطوير الهواء الرطب في دولة الإمارات خلال فصل الصيف.

قالت الدكتورة ديانا: "تم إجراء العديد من الدراسات على قارة إفريقيا للتركيز على متغيرات نظام الاختلال المداري ودوره الديناميكي، إلا أنه حتى الآن لم يتم تحديد خصائص النظامَين في منطقة شبه الجزيرة العربية بالرغم من أهميتهما في مجال الأنماط الجوية والمناخية، وهذا ما نهدف للقيام به في دراستنا وهو البحث في متغيرات نظامي الحرارة المنخفضة في منطقة شبه الجزيرة العربية والاختلال المداري في أوقات مختلفة".

وفي السياق، تمكن العلماء من تطوير نماذج مناخية دقيقة من خلال الاستعانة بمزيد من البيانات التي تدور حول طريقة تفاعل الأنظمة الجوية في المنطقة والذي يُساهم بدوره في تحسين مستوى التنبؤ بالتغيرات التي تطرأ على تلك الأنظمة في المنطقة مستقبلًا، الأمر الذي يحظى بأهمية كبيرة في ضوء التغيرات المناخية المتسارعة الناجمة عن مشكلة تغير المناخ التي سببها الإنسان.

ويعتبر  نظام الحرارة المنخفضة في منطقة شبه الجزيرة العربية نظامًا حراريًا شديد الانخفاض ينشأ نتيجة ارتفاع درجات الحرارة فوق سطح الأرض ويعد ذلك أحد سمات فصل الصيف، حيث توصل الباحثون في إطار ذلك إلى أنه يتزامن تشكل نظام الحرارة المنخفضة بشكل مباشر مع الرياح الموسمية الهندية في فصل الصيف وبالتالي ترتفع معدلات سقوط الأمطار في منطقة شبه الجزيرة وشبه القارة الهندية مما يسبب ارتفاعًا أكبر في درجات الحرارة فوق منطقة شبه الجزيرة العربية.

ويمثل الانخفاض الحراري في منطقة شبه الجزيرة العربية، كما هو الحال في دراسة صحراء صحارى، دورة تتنقل في جميع أنحاء الصحراء من شمال غرب الصحراء العربية إلى مركزها في دورة تستمر من 5 إلى 15 يومًا، حيث تزداد كثافتها قبل انتقالها إلى الجنوب الشرقي لتنخفض حدتها بالقرب من بحر  العرب.

ويقع الاختلال المداري على طول الساحل في شبه الجزيرة العربية خلال فصل الشتاء إلا أنه ينتقل شمالًا بحلول أشهر الصيف حيث يبدأ مكان الاختلال الحراري بالتقلب بمقدار 10 درجات وبعدد مرات يتراوح ما بين 5 إلى 10 وبمستوى يفوق تلك التقلبات التي تمت مشاهدتها في إفريقيا.

ولاحظ الباحثون أيضًا أن وجود رابط بين الدورة اليومية للاختلال المداري والتوسع في نظام درجة الحرارة المنخفضة في المنطقة خلال النهار والذي يتضاعف وتزداد نسبة الرطوبة فيه لينتقل إلى اليابسة، بينما يتحرك الاختلال المداري باتجاه الشمال محمَّلًا بالهواء البارد والرطب ليساهم في التخفيف من نظام الحرارة المنخفضة ويعود إلى الجنوب مرة أخرى.

ولاحظ الباحثون كذلك من خلال متغيرات نظام الحرارة المنخفضة في المنطقة العربية في الفترة الواحد والأربعين عامًا الماضية أن هذا النظام يوفر منهجًا إيجابيًا واضحًا يتعلق بارتفاع درجات الحرارة الجوية والسطحية في المنطقة، حيث أكد الباحثون على أن ارتفاع درجات الحرارة على سطح اليابسة في المنطقة تكون أكثر وضوحًا في مناطق الحرارة المنخفضة.

يُذكر أن هاتين الخاصيتين تلعبان دورًا في غاية الأهمية في مجال الظروف الجوية في منطقة شبه الجزيرة العربية من خلال نمذجة دورة الغلاف الجوي في ارتفاعات مختلفة، حيث يُساهم نظام الاختلال المداري في تحريك العواصف الرملية وسقوط الأمطار عند التقاء النظامين الذي ينجم عنه تكون السحب وزيادة الاضطرابات الجوية بالقرب من سطح الأرض والتي تساهم بدورها في حمل الغبار والرمال إلى الغلاف الجوي. ويسعى الفريق البحثي في الوقت الحالي إلى دراسة طريقة نمذجة بعض العمليات كالعواصف الرملية باستخدام خاصتي انخفاض درجة الحرارة في منطقة شبه الجزيرة العربية والاختلال المداري.