بعد مواصلة البحوث الدقيقة في مجال تصنيف متغيرات الجينوم
باحثون في جامعة خليفة يكملون دراسة مرجعية جينومية لدولة الإمارات

 

أكمل فريق من الباحثين في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا من دراسة مرجعية جينومية هامة من شأنها أن تسهم في الجهود الوطنية لبناء خارطة جينية مرجعية شاملة عالية الجودة لمواطني الدولة من أجل تطوير أنظمة رعاية صحية وقائية ودقيقة..

وقد تم الانتهاء من المرحلة الأولى من الدراسة والتي تضمنت تحديد خصائص التسلسل الجيني الكامل للمواطنين في دولة الإمارات في العام 2019 ليتمكن الباحثون بعد ذلك من إكمال المرحلة الثانية في العام 2020، حيث ركزت المرحلة الثانية من المشروع على دراسة طبيعة التنوع الجيني بين سكان دولة الإمارات. وفي هذا العام، تمكن الباحثون من إتمام مرجعية جينومية ضمن المرحلة الأخيرة للدراسة والتي تهدف إلى تحقيق الفهم الأفضل للتكوين الجيني في الدولة.

ونشر العلماء مؤخرًا تقريرًا بعنوان "الأنماط الجينية الرئيسة للمرجعية الجينومية لدى مواطني دولة الإمارات" في المجلة العلمية الدولية "فرونتيرز إن جينيتكس"، حيث وضعت الدراسة الدكتورة حبيبة الصفار، أستاذة مشاركة في علم الوراثة والأحياء الجزيئية بالتعاون مع الدكتور أندرياس هنشيل، الأستاذ المشارك في الهندسة الكهربائية وعلوم الكمبيوتر والدكتورة جيهان ضو البيت والدكتور غوان تاي من مركز التكنولوجيا الحيوية.

من جانبه، قال الدكتور عارف سلطان الحمادي، نائب الرئيس التنفيذي في جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا: "نشر باحثونا أول جينوم إماراتي كامل ثم أتبعوه بإنشاء مرجعية جينومية إماراتية تساهم في تطوير عملية فهم الجينومات لدى مواطني الدولة، مما يحسن قدرة الباحثين والأطباء في تحديد الأسباب الوراثية للأمراض السائدة في الدولة والمنطقة. ويعتبر هذا الإنجاز المتميز في مجال الطب والرعاية الصحية أداة أساسية تساهم في النهوض ببحوث الجينوم والصحة العامة في دولة الإمارات، وتدعم الجهود الوطنية المتنامية في هذا المجال والتي تم تأسيس مجلس برنامج الجينوم الإماراتي مؤخراً للإشراف عليها".

تُساهم التركيبة العرقية لمواطني دولة ما في تفردها عن غيرها من الناحية الجينية. لذلك، من المهم تحديد الجينومات محليًا لتجنب أية آثار تستدعي الالتباس والتي ترتبط باستخدام المرجعيات الجينومية لتسلسلات جينية محلية أخرى. وتم خلال هذه الدراسة الاستعانة بما مجموعه 1,028 فرد إماراتي، أشرف عليها فريق بحثي من مركز التكنولوجيا الحيوية منذ تأسيسه في العام 2015.

وقد تم اختيار 129 عينة لأفراد هم الأكثر تمثيلًا للتنوع الجيني في المرجعية الجينومية لدولة الإمارات. وبدورها، قالت الدكتورة حبيبة: "تمكنا من تحقيق هذا الإنجاز  المتميز  في مدة وجيزة نسبيًا، إلا أننا سنواصل البحث في هذا المشروع الذي يهدف إلى تحسين مستوى الفهم لدور الجينات وسيكون التحدي القادم فك شيفرات بيانات الجينوم لتحديد المؤشرات الجينية القادرة على التنبؤ  بالأمراض بشكل أفضل".

وعلى صعيد آخر، يتمتع الطب الدقيق بإمكانية تحسين ممارسة الطب بشكل ملحوظ بهدف تعزيز دور الأطباء في التنبؤ بالإجراءات المناسبة واللازمة للمريض بشكل سريع وفعال ودقيق، أي يساهم الطب الدقيق في اتخاذ خطوة استباقية لوقف المرض أو تأخير ظهوره. وفي هذا الصدد، تعتبر ممارسة الطب الدقيق والرعاية الصحية المتخصصة من العلوم الصعبة نظرًا لتأثرها بمجموعة من العوامل التي تشمل البيئة والخصائص الفردية المتوارثة عند الأفراد، في حين يقوم علم الجينوم بدور بارز في التمهيد للبرامج الصحية الوطنية في المستقبل.

ويسعى مركز التكنولوجيا الحيوي منذ تأسيسه إلى إيجاد الحلول للفجوة المتعلقة بخصائص الجينوم لدى سكان دولة الإمارات، حيث قام فريق الباحثين في المركز في العام 2018 بوضع رؤية لمشروع الجينوم العربي المحلي في الدولة وتم نشرها المجلة العلمية "ذا جورنال أوف هيومان جيناتكس"، وتهدف الرؤية إلى إيجاد الحلول لنقص بيانات الجينوم لمواطني دولة الإمارات لتحسين الفهم حول متغيرات الجينوم المتميزة عن غيرها لدى السكان في الدولة. وتابع الفريق البحثي بإشراف الدكتورة حبيبة دراسة تسلسل الجينوم لدى الأفراد الإماراتيين بهدف الخروج بمرجعية يمكن من خلالها صنع القرارات الطبية.

وفي العام 2019، قامت الدكتورة حبيبة بالإشراف على الفريق البحثي الذي ساهم في دراسة أول تسلسل كامل للجينومات لدى المواطنَين الإماراتييَن والتي تم نشرها من قبل شركة النشر العلمية "نيتشر ببلشنغ غروب" في المجلة المرموقة "ساينتيفك ريبورت".

وقالت الدكتورة حبيبة: "تكمن أهمية هذا الإنجاز في كونه نقطة بداية لإنشاء مرجعية جينومية لدولة الإمارات تدفع بعجلة الأبحاث في مجال تطبيقات الطب الدقيق، مما سيساهم في رفع مستوى جودة الحياة للمواطنين في الدولة".

الفريق نشر ٥ ابحاث في مجلات مرموقة لاستكمال مشروع الجينوم الإماراتي، حيث أظهرت الدراسات أن السكان الإماراتيين الحاليين هم حصيلة التمازج التدريجي والتفاعلات طويلة الأمد مع المجتمعات المحيطة والمجاورة للدولة.

وقد ضمت الإمارات السبع التي كونت دولة الإمارات في العام 1971 العديد من المجتمعات التي استمرت لقرون من الزمان وعاشت على الطرق الجنوبية القريبة من شبه الجزيرة العربية، حيث كان السكان القاطنون في تلك المناطق يلتقون بسكان آخرين كثيري الترحال والتنقل من وإلى المناطق المجاورة في إفريقيا وآسيا وبعض الدول الأوروبية، تاركين في تلك المناطق بعضًا من خصائصهم الجينية.

يُذكر أن الباحثين يواصلون العمل على تقصي أسرار الجينوم لدى الإماراتيين ودورها بهدف المساهمة في تطوير الطب الدقيق والممارسات السريرية التي تركز على الوقاية.